مسبوقة بمقدماتها الاختيارية ، وإلا فلا بد من صدورها بالاختيار ، وإلا لزم تخلف إرادته عن مراده ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا (١).
______________________________________________________
(١) حاصل الجواب : ان الله تبارك وتعالى تحقيقا لعدله ولمحالية الظلم عليه اعطى العباد القدرة بحيث يستطيع العبد ان يفعل ، وان لا يفعل ، والاختيار ، بحيث اذا اراد فعل وان لم يرد ان يفعل لا يفعل ، فموجودات العالم على نحوين :
منها ما تتعلق به الارادة التكوينية بنفسه ، كايجاد كافة الموجودات عدا ما يتعلق بافعال العباد فلا محيص ان يوجد من غير توسيط الارادة التكوينية ومرادها.
والنحو الثاني وهو افعال العباد التي منها متعلق التكاليف ، فما يفعل العبد ويدخل في دار الوجود فقد تعلقت الارادة التكوينية بان يوجد باختيار المكلف ، فما به وجود الفعل هو اختيار المكلف ، فاذا كان تعلق الارادة التكوينية بهذا النحو الذي يتوسط اختيار المكلف فيه ارتفع الاشكال ، فان الذي لا يصح ان يكون متعلقا للتكليف هو ما كان المكلف مضطرا اليه ، وقد عرفت ان المكلف مختار فيما يفعل لا عطاء الله له القدرة والاختيار ، فلا محذور في تعلق الارادة التكوينية به على هذا النحو ، فانه بعد ان كان قد تعلقت الارادة التكوينية بوجوده على نحو ان يكون المكلف قادرا عليه ومستطيعا لأن يفعله وان لا يفعله ومختارا فيه ، بحيث ان اراده اوجده وان لم يرده لم يوجده ، فلا يعقل ان يكون تعلق الارادة التكوينية به على هذا الفرض موجبا لأن يكون من الامور غير الاختيارية التي لا يصح ان تكون متعلقا للتكليف لانه خلف واضح ، لما عرفت انه قد كان متعلقا للارادة التكوينية بوصف كونه لا يدخل في دار الوجود الّا بسبب اختيار المكلف ، فدعوى كونه من الامور غير الاختيارية خلف بين ، بل لا بد وان يكون من الامور الاختيارية ، لانه لو وجد على نحو ان يكون من الامور الاضطرارية التي لا اختيار للمكلف فيها لزم الخلف لفرض كونه متعلقا للارادة التكوينية بشرط كونه من الامور الاختيارية ، ففرض كونه من الامور غير الاختيارية ـ الاضطرارية ـ فرض عدم تعلق الإرادة