قلت : إنما يخرج بذلك عن الاختيار ، لو لم يكن تعلق الارادة بها
______________________________________________________
فلا بد وان لا يكون متعلقا للارادة الربانية ، فان كان الكفر عدم الايمان فلا بد وان لا يتحقق ، لعدم تعلق الارادة منه تعالى به ، وان كان امرا وجوديا وهو عقد القلب على الكفر والاعتقاد به كان هو ايضا امرا متعلقا للارادة التكوينية ، وكذلك عصيان العصاة ، وحينئذ يأتي ما ذكره بقوله : ان قلت.
وحاصله : انه اذا كان الكفر والعصيان والاطاعة والايمان بارادته التكوينية ، لانه اذا توافقتا فلا بد من الاطاعة والايمان ، واذا تخالفتا فلا محيص عن الكفر والعصيان ، فيكون كفر الكافر وعصيان العاصي وايمان المؤمن واطاعته من متعلقات الارادة التكوينية ، وما كان متعلقا لها فلا يكاد يعقل ان يتخلف عن المراد وما لا تخلف له عن مراده تبارك وتعالى يكون ضروري التحقق وخارجا عن اختيار المكلف ، وما كان كذلك لا يصح تعلق التكليف به ولم يفد الفرق بين الارادة التكوينية والتشريعية إلّا بصحة صدق الطلب الحقيقي والارادة الحقيقية في مقام التشريع وانه لا يلزم ان يوجد متعلقهما وانه لا مانع من تخلف المراد عن الارادة فيهما ، إلّا انه وقعنا في ايراد آخر وهو ما ذكر من خروجهما عن نطاق التكليف ، لكون الكفر والعصيان والاطاعة والايمان من ضروريات التحقق ولا اختيار للمكلف فيهما فلا يصح التكليف ولزم الجبر ، ومن الواضح ان من شرائط صحة التكليف عقلا عند العدلية هو كون متعلق التكليف لا بد وان يكون امرا اختياريا ، ولا يصح التكليف بالامر غير الاختياري عقلا عندهم في قبال الاشاعرة القائلين بامكان تكليف غير المختار.