المقدمة الثالثة : انه إذا ورد عام ثم ورد خاص وكان عنوان الخاص من قبيل الاوصاف ، كما إذا ورد (المرأة تحيض إلى خمسين عاما) ثم ورد (ان القرشية تحيض إلى ستين عاما) فهو يكون كاشفا عن تقييد المراد الواقعي ، وعدم جعل الحكم للخاص من أول الأمر واقعا ، ولازم ذلك ، ان ما ثبت له الحكم واقعا هو المقيد وملحوظا بنحو التقييد إذ مع عدم الاهمال في الواقع ، وعدم الإطلاق يتعين التقييد.
وذهب المحقق العراقي (ره) (١) إلى انه في مثل ذلك لا يتعنون العام من جهة التخصيص ، واستدل له : بان خروج فرد كموته في الخارج فكما ان الموت يوجب قصر الحكم على الأفراد الباقية من دون ان يعنون عنوان العام بعنوان آخر زائدا على ما كان عليه ، كذلك إذا خرج فرد عن تحت العام بدليل خاص.
وفيه : ان دليل التخصيص إنما يوجب تضييق الموضوع في مقام الجعل ، وانه لم يجعل إلا على أفراد لا تكون داخلة تحت دليل الخاص ، وهذا بخلاف الموت ، فانه يوجب عدم فعلية الحكم من دون ان يوجب تصرفا في مقام الجعل ، وهذا هو الفارق بينهما.
فالتخصيص يوجب التقييد ولكن دليل الخاص لا يوجب تقييد العام بكونه متصفا بعدم ذلك الوصف ليكون الموضوع مركبا من الذات ، وعدم الوصف بنحو العدم النعتي كي لا يجدي استصحاب عدمه الثابت قبل وجود
__________________
(١) نهاية الافكار ج ٢ ص ٥١٩ عند قوله : «فكما ان خروج من مات منها لا يوجب تعنون الافراد الباقية ...».