واما الكلام في كون التخيير شرعيا كما ذهب إليه المحقق صاحب الحاشية ، والمحقق الرشتي ، ام يكون عقليا كما ذهب إليه المحقق النائيني ، فقد تقدم في الامر الثالث من الأمور التي قدمناها على مسألة الترتب ، وقد عرفت ان الثاني أقوى نظرا إلى ان التنافي ليس بين الخطابين بل بين اطلاقيهما ، فلا بد من التقييد ولاوجه لرفع اليد عن اصل الخطاب لان الضرورات تتقدر بقدرها ولازم ذلك هو التخيير العقلي فراجع.
فالمتحصل مما ذكرناه ان الترجيح بالسبق انما هو في صورة كون التكليفين مشروطين بالقدرة شرعا ، والترجيح بالاهمية فيما لو كانا مشروطين بها عقلا ، دون شرعا ، كما ان التخيير في الصورة الأولى شرعي ، وفى الصورة الثانية عقلي ، هذا تمام الكلام في تزاحم الحكمين المستقلين.
واما الكلام في التمانع بين التكليفين الضمنيين فموكول إلى محل آخر وقد تعرضنا له في كتاب فقه الصادق الجزء الرابع في مبحث القبلة (١).
الترتب في الواجبين الطوليين
الجهة الرابعة : في جريان الترتب في سائر أقسام التزاحم غير ما إذا كان التضاد بين الواجبين اتفاقيا ، وقد عرفت انها أربعة ، فالكلام في مسائل أربع :
__________________
(١) فقه الصادق ج ٤ ص ١١٩ (الاضطرار إلى ترك بعض الاجزاء والشرائط) ط ٣.