ويقدم ما هو الاهم والأقوى ويجعل الحكم على طبقه ، ولا ربط لذلك بالعبد بشيء فإن وظيفته امتثال أوامر المولى والخروج عن عهدة الأحكام من دون ملاحظة جهات المصالح والمفاسد ، بل لو زعم ان المولى قد اشتبه عليه الامر كما قد يتفق ذلك في الموالى العرفية فجعل الوجوب مثلا مع انه لا مصلحة فيه ، لم يكن له بمقتضى العبودية مخالفة ذلك الامر.
أضف إلى ذلك انه ليس للعبد طريق إلى إحراز جهات المصالح والمفاسد في متعلقات الأحكام الشرعية مع قطع النظر عن ثبوتها ، وهذا النوع من التزاحم غير مربوط بنا ولا يكون في مقابل التعارض.
النوع الثاني : تزاحم الأحكام بعضها مع بعض ، في مقام الامتثال والفعلية ومنشؤه عدم قدرة المكلف على امتثال كلا التكليفين معا.
وبعبارة أخرى : مورد هذا التزاحم ما إذا لم يكن بين جعل الحكمين معا على موضوعيهما الذي يكون بنحو القضية الحقيقية بلا تعرض لحال موضوعه وجودا وعدما ، تمانع وتناف كما في جعل وجوب انقاذ الغريق ، وحرمة التصرف في مال الغير ، في ما لو توقف الأول على الثاني ، بل التنافي والتمانع انما هو في مرتبة فعلية الاحكام وزمن امتثالهما.
توضيح ذلك : انه قد مر مرارا ان لكل حكم مرتبتين :
الأولى مرتبة الجعل والإنشاء ، وهي جعله لموضوعه على نحو القضية الحقيقية من دون تعرض له لحال موضوعه.
الثانية : مرتبة الفعلية وهي تتحقق بفعلية موضوعه في الخارج ، وعلى هذا