واما المحقق النائيني (ره) (١) فقد استدل لما اختاره بعد الاعتراض على الشيخ الأعظم (ره) بأن التعلم ليس من المقدمات العقلية التي لها دخل في القدرة ، لان الجهل بالحكم لا يوجب سلب القدرة ومن هنا كانت الأحكام مشتركة بين العالم والجاهل.
بما حاصله ان العقل يستقل بأن لكل من المولى والعبد وظيفة ، فوظيفة المولى إظهار مراداته وتبليغها بالطرق المتعارفة التي يمكن للعبد الوصول إليها ان لم يحدث هناك مانع فوظيفته إرسال الرسل وانزال الكتب وتشريع الاحكام ، وبعد ذلك تصل النوبة إلى وظيفة العبد ، وانه على العبد الفحص عن مرادات المولى واحكامه ، وحينئذٍ يستقل العقل باستحقاق العبد للعقاب عند ترك وظيفته ، كما يستقل بقبح العقاب عند ترك المولى وظيفته ، ولو لا استقلال العقل بذلك لانسد طريق وجوب النظر إلى معجزة من يدعي النبوة ، وللزم افحام الانبياء ، إذ لو لم يجب على العبد النظر إلى معجزة مدعي النبوة ، لما كان للنبي ان يحتج على العبد بعدم تصديقه له ، إذ للعبد ان يقول لم اعلم بانك نبي.
وبالجملة كما يستقل العقل بلزوم النظر إلى معجزة من يدعي النبوة ، كذلك يستقل بوجوب تعلم احكام الشريعة ، والمناط في الجميع واحد وهو استقلال العقل بأن ذلك من وظيفة العبد ، ومن هنا لا يختص وجوب التعلم بالبالغ كما لا يختص وجوب النظر في معجزة النبي به ، بل يجب ذلك قبل
__________________
(١) فوائد الأصول ج ١ ص ٢٠٥ (والحاصل). أجود التقريرات ج ١ ص ١٥٧ وفي الطبعة الجديدة ج ١ ص ٢٢٩ (هذا في غير التعلم).