ما ذكرت في أنه أريد به الثواب والعقاب فهلّا قال : ما أصابك من حسنة وسيئة فمن نفسك ، إذا كان مقتضى ثوابه وعقابه فعل العبد؟ قيل : إنما نسب الله تعالى الحسنة إلى نفسه في الثواب ، تنبيها أنه سبب الخيرات ، ولولاه لما حصل بوجه ، فإنه يكسبه للعبد بإرادة من الله وأمر وحثّ وتوفيق ، وأما السيئة وإن كانت بإرادة من الله عند قوم فليست بأمر منه ولا حث ولا توفيق ، ومع ذلك أدّب بذكر ذلك عباده ، ليراعوا فيما ينالهم نعمته عليهم ، وينسبوا الحسنات إليه ، ويعلموا أنه سبب كل خيرات ، وأنه لولاه لما حصل منها شيء (١) ، وعلى هذا قوله عليه الصلاة والسّلام : «ما أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله» ، قيل : ولا أنت يا رسول الله؟ قال : «ولا أنا» (٢) ، وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «لا تخش إلا ذنبك ، ولا ترج إلا ربّك» (٣) ، إن قيل : ما الفرق بين الحسن
__________________
(١) انظر : مجموع فتاوى شيخ الإسلام (١٤ / ٢٥٩ ـ ٢٦٦).
(٢) رواه البخاري في كتاب الرقاق ، باب «القصد والمداومة على العمل» رقم (٦٤٦٣). ورواه مسلم في كتاب صفات المنافقين ، باب «مثل المؤمن مثل النخلة» رقم (٢٨١١). وأحمد في المسند (٢ / ٢٦٤ ، ٣١٩ ، ٣٤٤ ، ٤٨٢ ، ٤٩٥ ، ٥٠٣ ، ٥١٤ ، ٥٢٤) ، (٦ / ١٢٥).
(٣) ذكره البيهقي في «شعب الإيمان» (٧ / ١٢٤) رقم (٩٧١٨) وعزاه إلى علي بن أبي طالب. ونسبه إلى علي بن أبي طالب كذلك الشيخ تقي الدين إبراهيم بن محمد بن مفلح في كتابه «مصائب الإنسان من مكائد ـ