استبدالها به بعد حصوله ، والرغبة في الضلالة بعد التمكّن من الهدى (١) ، وقد أعاد تعالى هذا المعنى في مواضع تحذيرا منهم ، وتخويفا من الاغترار بهم ، وعلى ذلك قوله من قبل : (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً)(٢) ، ونحوه قوله : (وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ)(٣) وقوله : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ)(٤) ظاهره كالبعيد من الأول ، وكذلك قوله : (وَكَفى بِاللهِ)(٥) وذلك لتحرّي الاختصار فيه ، وتقدير الكلام : يريدون أن تضلوا السبيل ، وإذا أرادوا ذلك فهم أعداؤكم ، والله أعلم منكم بعداوتهم لكم ، وهو تعالى وليكم ونصيركم ، فإذن الواجب عليكم أن تتركوا
__________________
ـ وقال الراغب : رأيت يتعدى بنفسه دون الجار ، لكن لما استعير قولهم : (ألم تر) لمعنى : ألم تنظر عدّي تعديته ، وقلما يستعمل ذلك في غير التقرير ، ما يقال : رأيت إلى كذا» اه. البحر المحيط (٢ / ٢٥٨) ، عند تفسيره للآية : ٢٤٣ من سورة البقرة. وانظر : الكشاف (١ / ٥١٥).
(١) انظر : معاني القرآن وإعرابه (٢ / ٥٧).
(٢) سورة النساء ، الآية : ٢٧.
(٣) سورة المائدة ، الآية : ٧٧.
(٤) سورة النساء ، الآية ٤٥ ، ونصّها : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً).
(٥) سورة النساء ، الآية : ٤٥.