قائمة الکتاب
55 ـ إذ قال الله يا عيسى
١٢١
إعدادات
التفسير الوسيط للقرآن الكريم [ ج ٢ ]
التفسير الوسيط للقرآن الكريم [ ج ٢ ]
المؤلف :الدكتور محمد سيد طنطاوي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع
الصفحات :392
تحمیل
هناك تشابه في النّظم بين قصة هود وقصة صالح عليهماالسلام ، إلا أن صالحا لما أمر قومه بالتوحيد في مساق إيراد القصة هنا ذكر دليلين على وجود الله ووحدانيته : هما الإنشاء من الأرض ، والاستعمار فيها ، أي جعلهم عمارا لها. ومعنى الآيات : وأرسلنا إلى قبيلة ثمود الذين كانوا يسكنون الحجر بين تبوك والمدينة المنورة رجلا منهم ، أخاهم في النّسب والقبيلة ، وهو صالح عليهالسلام ، فأمرهم بعبادة الله وحده ، فلا إله غيره ، وأقام لهم دليلين على توحيد الإله :
الدليل الأول ـ قوله : (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) أي ابتدأ خلقكم منها ، إذ خلق منها أباكم آدم عليهالسلام ، فهو أبو البشر ، ومادة التراب هي المادة الأولى التي خلق منها آدم ، ثم خلقكم أنتم من سلالة من طين بوسائط النطفة والعلقة والمضغة ، وأصل النطفة من الدم ، والدم من الغذاء ، والغذاء إما من نبات الأرض أو من اللحم الذي يرجع إلى النبات.
والدليل الثاني ـ قوله : (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها) أي جعلكم عمّارا تعمرونها وتستغلونها بالزراعة والصناعة والبناء والتّعدين ، فتكون الأرض قابلة للعمارة النافعة للإنسان ، وكون الإنسان قادرا عليها دليل على وجود الصانع الحكيم الذي قدّر فهدى ، ومنح الإنسان القدرة على التّصرف ، والعقل على تنظيم الإدارة والاستثمار.
وإذا كان الله هو المستحق للعبادة وحده ، فاستغفروه لسالف ذنوبكم من الشّرك والمعصية ، ثم توبوا إليه بالإقلاع عن الذنب في الماضي ، والعزم على عدم العودة إليه ، والنّدم على ما حدث.
إن ربّي قريب من خلقه بالرحمة والعلم والسمع ، ومجيب دعوة الدّاعي المحتاج المخلص ، بفضله ورحمته. كما جاء في آية أخرى : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦)) [البقرة : ٢ / ١٨٦].