بالرّسل ، أجهلتم أيها الناس الضّالّون المكذّبون بالآخرة ، فلا تعقلون مصائركم ، فإنكم لو عقلتم ذلك ، لآمنتم واستقمتم.
ثم بشّر الله نبيّه بالنّصر بإخباره بسنّة إلهية دائمة : وهي مجيء النصر الإلهي للرّسل عليهمالسلام ، عند اشتداد الأزمة وانتظار الفرج الرّباني ، وتيقن الرّسل أن المشركين كذبوهم تكذيبا لا إيمان بعده ، وصمموا على ذلك ، وألا انحراف عنه ، وتكون العاقبة هي الإتيان بنصر الله فجأة ، فينجّي الله من يشاء ، وهم النّبي والمؤمنون معه ، ويحلّ العقاب بالمكذّبين الكافرين ، ولا يردّ بأس الله ، أي لا يمنع عقاب الله وبطشه عن القوم الذين أجرموا ، فكفروا بالله ، وكذّبوا رسله. وهذا تهديد ووعيد لكفار قريش وأمثالهم ، لإعراضهم عن الإيمان بالنّبي صلىاللهعليهوسلم وبدعوته ، وبما أنزل الله من القرآن المجيد ؛ لأن في قوله تعالى : (وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا) أي عذابنا وعيدا بيّنا ، وتهديدا صريحا لمعاصري محمد عليه الصّلاة والسّلام.
ثم أبان الله تعالى الهدف العام من قصص القرآن الكريم ، فلقد كان في سرد أخبار الأنبياء المرسلين مع أقوامهم ، وإنجاء المؤمنين ، وإهلاك الكافرين عبرة وعظة وذكرى لأولي العقول السّوية ، والأفكار الصحيحة ، ولم يكن هذا القرآن المبين لقصة يوسف وغيرها حديثا مختلقا مكذوبا من دون الله ؛ لأنه كلام أعجز البلغاء والفصحاء ، وإنما هو كلام الله من طريق الوحي والتّنزيل ، لتصديق ما تقدمه من الكتب السماوية في صورتها الأولى الصحيحة ، كالتّوراة والإنجيل والزّبور ، أي تصديق ما جاء فيها من عند الله من الصحيح والحق ، ونفي ما وقع فيها من تحريف وتبديل وتغيير ، فالقرآن مصدق أصولها الصحيحة ، وهو أيضا مهيمن عليها ، وحارس لها. وفي القرآن أيضا تفصيل كل شيء من العقائد والأحكام والحلال والحرام ، والمحبوب والمكروه ، والأمر والنّهي ، والوعد والوعيد ، وهو أيضا هدى وإرشاد للعالمين إلى طريق الحق والاستقامة ، وهو كذلك رحمة عامّة من الله ربّ العالمين للمؤمنين في الدنيا والآخرة.