مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (٢٢) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (٢٤)) (١) (٢) [الرّعد : ١٣ / ٢٠ ـ ٢٤].
يصف الله تعالى في هذه الآيات أولي الألباب الذين يسّرهم للإيمان برسالة النّبي والقرآن ، واعتقدوا أن ما أنزل الله هو الحقّ بالصفات التالية :
١ ـ الوفاء بالعهد : فالمؤمنون الصادقون يوفون بما عاهدوا الله عليه من الإيمان بربوبيّته وبالمواثيق والعهود كلها بينهم وبين ربّهم ، وهي أوامر الله ونواهيه التي وصّى بها عبيده ، وهذا يشمل جميع الفرائض والواجبات والشرائع والأحكام والآداب والأخلاق ، والامتناع عن جميع المخالفات والمعاصي.
٢ ـ عدم نقض الميثاق : أي إنهم يلازمون أداء الأوامر واجتناب النّواهي مدى الحياة ، ولا يخلّون بواجبات العهد والتزاماته ، ولا ينقضون أي بند من بنود العهد الإيماني مع ربّهم ، ولا بالعقود التي يبرمونها مع الناس من بيع وشراء وإيجار واستئجار وشركة ونحوها ، على عكس ما نشاهده اليوم أن كثيرا من الناس ، يبرمون العقود مع غيرهم ، ويتّفقون على الشروط ، ثم يتحلّل الواحد منهم من العقد كله أو بعضه ، ضاربا بكلامه الذي التزم به عرض الحائط. وهذا اللون من نقض العقد أو فسخه ينقلهم من حديقة الإيمان ونور الحقّ والقرآن إلى دائرة النفاق الاجتماعي ، قال عليه الصّلاة والسّلام ـ فيما رواه البخاري ومسلم وغيرهما ـ : «آية المنافق ثلاث : إذا حدّث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان».
٣ ـ صلة ما أمر الله بوصله : من حقوق الله ومؤازرة النّبي والقرآن ، وحقوق العباد التي من أهمها وأولاها : صلة الأرحام ، والإحسان إلى الجيران ، والمحتاجين
__________________
(١) يدفعون.
(٢) عاقبتها المحمودة وهي الجنات.