مع أن الأدلّة الدالّة على أن خاتم النبيين من أهمّ الراسخين في العلم يأبى عن ذلك كلّه ، فخروج التشابه بالنسبة إليه صلىاللهعليهوآله تخصصي ، لا أن يكون تخصيصيا ، والفرق بينه وبين الله تبارك وتعالى أن التخصص بالنسبة إليه جلّ شأنه بالذات ، وبالنسبة إليه صلىاللهعليهوآله بالغير ، أي من الله تعالى ، كما تقدّم ذلك.
واقعية المحكم والمتشابه :
لا شك في أن الألفاظ موضوعة للمعاني الواقعيّة ، فلا دخل للاعتقاد فيها ، كما أثبتنا ذلك في علم الأصول. فالمراد من المحكم والمتشابه هو الواقعي منهما دون الاعتقادي ، لأن الواقعيات مورد وضع الألفاظ دون الاعتقاديات ، إلا أن يدلّ دليل على الخلاف ، وحينئذ كلّ من اعتقد أن آية من الآيات القرآنية أو حديثا من السنّة محكم أو متشابه ، ثم بعد مدة تبين الخلاف لا أثر لاعتقاده ولا يترتب عليه آثارهما ، ولا يكون من باب تبدّل الموضوع ، بل من باب كشف الخلاف ، ولا بد وأن يبحث عنه في مباحث الإجزاء المقرّرة في علم الأصول.
موضوع المحكم والمتشابه :
المحكم والمتشابه يعرضان بعد استقرار حجيّة الكلام ، إذ لا ريب في أن دلالة اللفظ تغاير حجّيته ، فقد يكون اللفظ دالا على شيء ولم يكن حجّة ، مثلا العام والمطلق قبل الفحص عن الخاص والمقيد ظاهران ودالان على العموم والإطلاق ، ولكنهما ليسا بحجّة ولا يجوز التمسّك بكلّ منهما إلا بعد الفحص وعدم الظفر بالمخصص والمقيد ، فالدلالة انما تعتبر طريقا إلى الحجيّة ، فلو لا الحجيّة وصحّة الأخذ والاستدلال لا أثر لنفس الدلالة من حيث هي ، فالمحكم والمتشابه يعرضان على الكلام الصحيح الثابت حجيّته.
وبعبارة اخرى : المراد بالمحكم والمتشابه إنما هو المستقر منهما ، لا الزائلان بعد التروي والتأمّل.