(المسيح) هو الإشارة إلى نبذ العادة الإسرائيليّة في ما يفعله الزعماء والروحانيون عندهم.
السابع : يدلّ قوله تعالى : (يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) على شدّة انقطاع هذه المرأة الصالحة إلى خالقها وإخلاصها له تعالى ، ممّا أوجب تنازع القوم في حفظها وحراستها ، وتشبه مريم عليهاالسلام ام موسى عليهاالسلام في الحالات الانقطاعيّة إلى الله تعالى وإخلاصها في العبوديّة.
وقد ذكر سبحانه وتعالى حالات مريم العذراء وأطوار خلقها في القرآن الكريم بهذا الوجه اللطيف والأسلوب الجذاب ، ووصفها بأوصاف كثيرة تدلّ على جلالة قدرها وعظيم منزلتها عنده عزوجل ، وهذا من أهم موجبات الألفة والحنان بين المسلمين والنصارى.
الثامن : يستفاد من قوله تعالى : (كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) أن ما خلقه عيسى لم يكن له نظير في الخارج ، وإنما كانت صورته كصورة الطير.
التاسع : إنما ذكر تعالى تكلّم عيسى في المهد وعند الكهولة وهي آخر قوة نشاط الشباب وكمال القوى ، للإعلام بأن تكلّمه في حال صباه كمثل تكلّمه في دور كمال قواه ، ولم يكن كلامه في حال الصبا كتكلم سائر الصبيان ، فيكون عيسى المسيح في مهده حينما يقول بلسان فصيح : (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا* وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا* وَبَرًّا بِوالِدَتِي) [سورة مريم ، الآية : ٣٢] هو حين كهولته ، وحين رفعه إلى السماء يقولها كذلك ، لأنه خلق لإظهار الحقّ ، ولا حقّ إلا ذلك.
العاشر : إنما ذكر تعالى أمثلة متعدّدة لآيات نبوّته وصدق دعوته ، لأن كلّ واحد منها مثال لعالم من العوالم الخلقيّة.
الأول : إيجاد الروح الحيوانيّة التي هي أوسع العوالم الخلقيّة ، وإنما مثّل بخلق الطير ، لأنّه فيها من جهات الخلق والإعجاب ما ليس في غيره.
الثاني : للروح الإنسانيّة بإبراء الأكمه والأبرص اللذين هما من أشدّ