وقال علي عليهالسلام : «ينام الإنسان على الثكل ولا ينام على الحرب» ، فالمال في نظر الإنسان هو السبب المهمّ في حياته ، وبه يستوفي حاجاته ويشبع رغباته ، وقد تصل به الحالة إلى الركون إلى الأموال والأولاد ، وتشغله عن ذكر ربّه ، فينساه وبه هلاكه ، لأنه يغفل عن نفسه أنه تحت إرادته عزوجل.
التاسع : يستفاد من قوله تعالى : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) ، على أن العادات السيئة التي يغفل عنها الإنسان لها الأثر الكبير في زيغه وضلاله وعذابه ، وما أرسل الله الرسل والأنبياء إلا لإرشاد الناس إلى الصراط المستقيم ، ونبذ ما يكون سببا في ضلالهم وغوايتهم ، وهذه الآية واحدة من الآيات الكثيرة التي ترشد الإنسان إلى هذا الأمر الخطير ، وتبيّن شدّة تأثير هذا الأمر الاجتماعي ، بحيث يسلب عقل لإنسان ويسيطر على حواسه ومشاعره ويوصله إلى طريق مسدود ، ولا يختصّ مضمون الآية الشريفة بآل فرعون والذين خلوا من قبلهم ، بل يجري في جميع أفراد الإنسان.
العاشر : إنما أضاف سبحانه الأخذ وشدّة العقاب إلى ذاته الأقدس ، لأنه تعالى مصدر الجزاء ثوابا وعقابا ، كما أنه مصدر التشريع إيجابا وتحريما ، فهو المهيمن على الجميع ، ويكون ثوابه وعقابه موافقين للحكمة التامّة البالغة.
الحادي عشر : ظاهر قوله تعالى : (وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) ، أنهم من أوّل حدوثهم في الدنيا وقود النار إلا أن خصوصية العوالم حجبت أعيننا عن رؤية ذلك في الدنيا ، فأي وقود ناري أشدّ وأغلظ من التربية في الكفر والفسوق والعصيان.
الثاني عشر : إنما ذكر سبحانه وتعالى فرعون والذين من قبلهم دون من بعده ، ليتفأل أهل التوراة والإنجيل والقرآن بانقطاع الفرعونيّة والفراعنة وهلاك فرعون موسى وهارون.
الثالث عشر : إنما ذكر سبحانه وتعالى سبيل الله في جهاد المؤمنين ، ولم يذكر في المقابل سبيل الشيطان أو سبيل الطاغوت ـ كما في آيات اخرى ـ لبيان العلّة في غلبة الفئة المؤمنة ، وإنها الإيمان بالله ، وكون الجهاد في سبيله ، ولبيان العلّة في انهزام الفئة الاخرى ، وهي الكفر به عزوجل ، فكانت المقابلة بين العلّتين دون السبيلين ليذكر السبيل الآخر.