المحركية بمقدار صلاحيته الفعلية للتحريك وقابليته للتنجيز ، فالداعي إلى جعل الخطاب هو ، جعله محركا بالمقدار الّذي يستقل به العقل من التحريك ويراه قابلا للتنجيز والتحريك.
وحينئذ ، بناء عليه ، إذا فرض أنّ العقل يستقل بحجية القطع بنحو تنجيزي علي ، إذن فسوف تكون محركية هذا الخطاب المقطوع به محركية تنجيزية علّية ببركة حكم العقل ، وحينئذ ، يكون الترخيص على خلاف ذلك ، نقضا للغرض ، لأنّ الداعي من جعل الخطاب هو أن يحرك بمقدار ما يستقل به العقل ، والعقل يستقل بالمحركيّة التنجيزيّة العلّية ، إذن سوف يكون الترخيص نقضا للغرض.
لكن إذا بني على أنّ العقل يحكم بالحجية الاقتضائية التعليقية للقطع ، أي بالحجية مشروطة بعدم ورود الترخيص من قبل الشارع على خلافها كما هو الحال في باب الظن والاحتمال المنجز ، فإنّ العقل يحكم هناك بأنّ الاحتمال إمّا مطلقا منجز أو قبل الفحص ، ما لم يرد ترخيص على خلافه.
فإذا فرضنا أنّ حجية القطع كانت تعليقية اقتضائية ، إذن يكون الغرض من الخطاب الواقعي هو جعله محركا بهذا المقدار ، وهو مقدار ما تقتضيه هذه الحجية التعليقية ، فلو اقترنت بما يرفعها ويعطلها ، فلا يكون هذا نقضا للغرض.
وعليه فيرجع البرهان الثالث إلى البرهان الثاني بعد هذه الغربلة ، وحينئذ لا يكون هذا برهانا ثالثا.
وتحقيق الحال وما ينبغي قوله في المقام هو : انّه يستحيل جعل الحكم على خلاف الحكم المقطوع به ، وهذا بخلاف ما يجعل في موارد الظن والشك حيث لا يستحيل ذلك فيها.