بحسب الحقيقة كما يتخيّل ، لأنّه ليس محقّقا لنكتة التنجيز ، نعم هو من أحسن ألسنة التنجيز.
وأمّا الفريق الثاني : فهو بعد أن بنى على استحالة جعل المنجزية ، واستحالة تنزيل الظن منزلة القطع الطريقي ، ذهب إلى أنّ التنزيل إنّما هو للمظنون منزلة المقطوع ، أي لمؤدى الإمارة منزلة المقطوع كما ذهبت إليه مدرسة الشيخ الأنصاري «قده» (١) ، لأنّ القطع الطريقي ليس له حكم شرعي لكي يسري بالتنزيل إلى الظن ، وهذا غير المقطوع والمظنون ، فإنّ المقطوع إمّا حكم شرعي ، أو موضوع له أثر شرعي ، فينزل منزلته حينئذ ويكون قابلا للإسراء الشرعي ، وإذا نزل فيتخير التكليف الواقعي.
إلّا أنّ هذا التخريج لم يوضح وجها في انه كيف يكون هذا التنزيل رافعا لموضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وعلى كلّ حال ، فقد ظهر ممّا تقدّم ، انّ جعل الحجيّة للإمارة ، وجعل المنجزية ، لا ينحصر أمره بلسان تنزيل المظنون منزلة المقطوع ، بل يمكن أن يكون بتنزيل الظن منزلة القطع أيضا.
وبكلّ ما تقدّم ، يتهيأ ذهننا لتقبّل المطالب القادمة.
٣ ـ الجهة الثالثة : في قيام الإمارات مقام القطع الموضوعي المأخوذ في الموضوع على وجه الطريقية الكاشفية :
وهنا : وقع البحث في إمكانه ثبوتا كما وقع ثبوتيا في الجهة الثانية ، لكن هذا البحث الثبوتي الواقع هنا ليس في أصل إمكان قيام الإمارات مقام القطع الموضوعي من جهة إمكان التنزيل هنا شرعا كما كان هناك ، فإنّه هنا لا يقال : كيف يكون غير العلم قائما مقام العلم
__________________
(١) فرائد الأصول : الأنصاري ، ص ٤٠ ـ ٤٢ ـ ٤٣ ـ ٤٥ ـ ٤٦.