في موارد الإمارات والأصول ، لأنّه هناك عند ما عالجوا هذا قالوا : بأنّه لا تضاد بينهما بلحاظ عالم الامتثال ، بدعوى انّ التكليف الواقعي باعتباره غير واصل لا يكون منجزا فلا امتثال له ، بخلاف المقام ، فإنّ المفروض فيه وصول الحكم الواقعي إلى المكلّف ، بالقطع وتنجّزه.
إذن فهذه الصيغة مع ذلك ، لا تنطبق في المقام ، لأنّ التكليف الواقعي هنا واصل إلى المكلّف ، كما أنّ الترخيص كذلك واصل إليه ، إذن فيبقى التضاد بينهما ، وحينئذ يقال : بأنّهما متضادان في مقام التأثير العملي ، لأنّهما معا واصلان.
إلّا أنّه مع ذلك التضاد الموجود في هذه المرتبة ، فإنّ حساب هذا المطلب يرجع إلى أنّنا يجب أن نقدّر مقدار محركيّة التكليف الواقعي المقطوع به الّتي هي فرع منجزيته ، وحينئذ ، إذا كان هذا الترخيص الشرعي بالخلاف صالحا لرفع منجزية القطع ، إذن ، لم يبق لهذا القطع محركيّة ليلزم التضاد ، لأنّ محركيّته فرع منجزيّته ، وحينئذ ، يصبح المقطوع كالمظنون ، ليس له مقام تنجيز وعمل.
نعم لو لم يقدر هذا الترخيص الشرعي على رفع حجيّة القطع وبالتالي منجزيّته ، يبقى التضاد واقعا بينهما لا محالة ، وهذا معناه : أنّ روح هذا يرجع إلى البرهان الثاني ، وهو ما يقال : من أنّ حكم الشارع بالترخيص على خلاف التكليف المقطوع غير معقول ، لأنّه لا يمكن أن يزيل حكم العقل بالحجيّة ، لأنّ هذا ذاتي للقطع ، والذاتي لا ينفكّ ولا يتخلّف ، ومعه يكون معارضا له ، فيرجع هذا التضاد بلحاظ عالم الامتثال إلى البرهان الثاني.
٢ ـ البرهان الثاني ، وحاصله : انّ حجيّة القطع ذاتية ، لكن هل أنّ الحجيّة بالنسبة إلى القطع ، نسبتها إليه ، هل هي نسبة المقتضي إلى المقتضى ، أو نسبة المعلول إلى العلّة التامة؟ ، فمثلا : الحرارة ذاتيّة