الظنيّة والاحتمالية ، فلا بدّ حينئذ من ملاحظة الأجوبة والمسالك الّتي عولج بها هذا التضاد في الجمع بين الأحكام الظّاهرية والواقعية في ناحية المبادئ وكيف تمّ التوفيق بينهما.
وحينئذ ، نرى انّ نفس العلاج الجاري هناك على بعض المسالك يجري هنا ، وإن كان على المسلك الصحيح في علاج التضاد هناك فإنّه لا يجري هنا نفس العلاج ، فهذا البرهان ، وهو برهان التضاد غير قابل للتكميل في جملة من المسالك ، وعلى جملة من المسالك غير قابل للعلاج هناك ، وعلى سبيل المثال نذكر مسلكين من تلك المسالك الّتي لم يتم فيها هذا البرهان.
١ ـ المسلك الأول : القائل باختلاف مرتبة الحكم الظّاهري عن الحكم الواقعي في دفع شبهة ابن قبة ، حيث لا يكون تضاد بين الأحكام الواقعية والظّاهرية ، وذلك باعتبار تعدد المرتبة بينهما ، لأنّ الحكم الظّاهري ليس في مرتبة الحكم الواقعي ، لأنّ الحكم الظّاهري متأخر عن موضوعه مرتبة ، إذ موضوعه الشك في الحكم الواقعي ، والشك في الحكم الواقعي متأخر عن نفس الحكم الواقعي تأخر العرض عن معروضه ، إذن فالحكم الظّاهري متأخر بمرتبتين عن الحكم الواقعي ، لأنّه متأخر عن موضوعه بمرتبة ، وموضوعه متأخر عن الحكم الواقعي بمرتبة ، إذن فلم يجتمع الحكم الواقعي والحكم الظّاهري في مرتبة واحدة ، وحينئذ ، فلا تضاد بينهما ، لأنّ التضاد فرع وحدة المرتبة.
وهذا المسلك ، كل من يجري عليه هناك فهو ملزم أن يجري عليه هنا حيث يقال : بأنّ نفس التعدد الرتبي موجود هنا أيضا ، فإنّ الترخيص هنا في طول موضوعه وهو القطع بالحرمة ، وهو متأخر مرتبة عن ذلك ، والقطع بالحرمة متأخر عن الحرمة تأخر العرض عن معروضه ، إذن فالترخيص مع هذه الحرمة ليسا في مرتبة واحدة بل في مرتبتين.