للقطع؟ إذ ليس الغرض إلّا التحرك على طبقها ، وبجعله الترخيص يبطل هذه المحركية ويسدّ كل أبوابها لا محالة.
هذا حاصل الكلام في البراهين الثلاثة ، ولا بدّ من التعليق على كلّ واحد منها.
أمّا البرهان الأول : وهو اجتماع الضدين ، وهما التكليف المقطوع به ، والحكم بالترخيص الّذي هو ردع عن العمل بالقطع ، فإنّ طرز هذا البرهان كالشبهة الّتي أوردت على جعل الأحكام الظّاهريّة عموما في موارد جعل الإمارات والأصول العملية عند الظن والشك ، فهناك قيل أيضا بأنّ حكم الشارع بالترخيص على طبق خبر الثقة فيما لو كان مخالفا للواقع يلزم منه اجتماع الضدين ، لأنّه في الواقع إذا كان الفعل الفلاني محرم ، وقد حكم الشارع بالترخيص فيه فيلزم اجتماع الضدين ، وهذا أحد شبهات ابن قبة في جعل الأحكام الظّاهرية ، فصياغة الشبهة هنا متقاربة مع صياغتها هناك.
والجواب هو أن يقال : بأنّ التضاد بين الحرمة المقطوعة ، وبين الترخيص المفروض على القاطع ، تارة يدّعى بلحاظ المبادئ ، أي بلحاظ عالم الملاك ، فيقال : إنّ الحكم بالحرمة مضاد للترخيص في عالم المصلحة والمفسدة ، لأنّ الحرمة ناشئة عن المفسدة والترخيص ناشئ عن المفسدة ، إذن فهما متهافتان في عالم المبادئ ، وأخرى يدّعى التضاد بلحاظ عالم المحركيّة والتنجيز خارجا في مقام الامتثال ، بأن يقال : بأنّ هذين الحكمين في عالم التنجيز والتحريك متضادان ، لأنّ أحدهما يمسك بالمكلّف ، والآخر يطلق له العنان ، إذن فهما متضادان في عالم الامتثال.
فإن ادّعي الأول ، أي التضاد بحسب عالم المبادئ كما ادعي ذلك في الجمع بين الأحكام الظّاهرية والواقعية في موارد الإمارات