أمّا غير القطع ، فهو حجّة في جانب التنجيز دون التعذير ، أمّا الأول فلما عرفت ، وأمّا الثاني ، فلأنّه ما لم يرد دليل شرعي على وجوب العمل على طبقه فلا يكون معذرا.
ب ـ الفرق الثاني : هو أنّ منجزية غير القطع من الظن والاحتمال قابلة للردع عنها شرعا ، وذلك بجعل ترخيص ظاهري على خلافه ، وهذا الحكم الترخيصي يسمّى بالحكم الظّاهري ، وهو مورد شبهة ابن قبة في كيفية الجمع بين الحكم الظّاهري والحكم الواقعي ، فإن أمكن الإجابة عن هذه الشبهة ، يتبرهن حينئذ قابلية غير القطع للردع عن منجزيته ، أمّا منجزية القطع فلا يمكن الردع عن منجزيته.
وهذا هو الّذي وقع موردا للخلاف بين الأصوليين والإخباريين في خصوص القطع الحاصل من غير الكتاب والسنّة حيث ذهب الأصوليون إلى عدم إمكان الردع عنه ، وذهب الأخباريون إلى إمكان ذلك ، بل ذهب بعضهم إلى وقوعه ، ورتّبوا على ذلك انّ القطع إذا حصل من غير طريق الأدلة الشرعية الواردة في الكتاب والسنّة فهو غير حجّة.
والحاصل هو ، أنّه هل يمكن ردع الشارع عن العمل بالقطع ، كما كان يمكنه الردع عن العمل بالظن والاحتمال ، بمعنى أنّه في موارد الإمارات الظنيّة والاحتماليّة بإمكان الشارع أن يجعل حكما ظاهريا على خلافها ، ويسمّى بالحكم الظّاهري ، ويكون تعطيلا لحجيتها ، فهل يمكن هذا في موارد القطع وذلك بأن يجعل الشارع حكما على خلاف التكليف المقطوع به ، بحيث يوجب ردع القاطع عن العمل بقطعه وإسقاطه عن الحجيّة؟.
وقد ادّعى الأصوليون استحالة ذلك ، وحاولوا إقامة ثلاثة براهين عليه.
١ ـ البرهان الأول : هو أنّه لو جعل الشارع حكما على خلاف