ميّزوا بين مولويّة المولى ، وبين منجزية أحكامه كما لو كان عندهم أمران متغايران ، أحدهما ، مولويّة المولى الواقعية ، فهي عندهم أمر واقعي مفروغ عنه ولا نزاع فيه لكن لا ربط له بحجيّة القطع ومنجزيته ، والأمر الآخر هو ، منجزية القطع وحجيته ، وهو أمر آخر لا ربط له بمولوية المولى.
وفي مقام بيان منجزية القطع وحجيته ذكروا أنّ التكليف إنّما يتنجز بالوصول والقطع ، ولهذا حكموا بقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، دون أن يروا انّ هذا تفصيل في مولويّة المولى وحق طاعته.
وقد عرفت سابقا انّ هذا المنهج غير صحيح إذ المنجزية الّتي جعلوها أمرا ثانيا إنّما هي من لوازم أن يكون للمولى حق الطاعة على العبد في مورد التنجيز ، إذ أيّ تبعيض عقلي في المنجزية ، هو تبعيض في المولويّة.
ومن هنا كان لا بدّ من جعل منهج البحث ابتداء ، عن دائرة مولويّة المولى وحق طاعته ، وبيان حدودها ، وذلك ضمن فرضيات :
أ ـ الفرضية الأولى : هي أن تكون مولوية المولى أمرا واقعيا ، موضوعها واقع التكليف ، بقطع النظر عن درجة الانكشاف به.
وهذا فرض واضح البطلان ، لأنّه يستلزم أن يكون التكليف في موارد الجهل المركب منجزا وتكون مخالفته عصيانا ، وهو خلف معذريّة القطع ، وهو باطل.
ب ـ الفرضية الثانية : هي أن تكون مولوية المولى وحق طاعته في خصوص ما يقطع به ويصل إلى المكلّفين.
وهذا هو روح مذهب المشهور ، وهو يعني التبعيض في المولوية بين موارد القطع والوصول ، وموارد الظن والشك.