والحاصل : هو أنّه لمّا كانت البراءة العقلية حكما عقليا ، فلا بدّ من الدقة في مقام تطبيقها ، والدقة تقتضي ما ذكرناه من تنجيز الجامع ، لتمامية البيان عليه ، وعدم تنجيز كل فرد بخصوصه ، لعدم تمامية البيان عليه.
وهذا الكلام لا يجري في البراءة الشرعية ، لأنّ أدلة الأصول الشرعية خطابات عرفية ومعه لا بدّ من تحليلها تحليلا عرفيا لا عقليا.
وبهذا ثبت أنّ إثبات منجزية العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية بالواسطة بالنحو الّذي ذكره الميرزا غير تام على مبنى الميرزا «قده» ، حيث أنّه يعترف بالبراءة العقلية ، لأنّ هذه البراءة تكون مؤمنة عن كل طرف بخصوصه ، وإن لم تؤمّن عن الجامع ، إلّا أنّ إيجاد الجامع يتحقّق بأحد الفردين كما عرفت.
أمّا المسلك الأول ، الّذي هو مسلك المشهور ، كما أنّه مسلك الميرزا «قده» (١) في تقرير فوائد الأصول (٢) والّذي حاصله : إنّ العلم الإجمالي يؤثر بنفسه في وجوب الموافقة القطعية ، ولعلّ أشدّ النّاس تعصبا لهذا المسلك هو المحقّق العراقي «قده» (٣) حيث ذكر انّ تأثيره في ذلك إنّما هو على نحو العليّة ، ولأنّ كلامنا في أصل التأثير ، فلا يتحصل من فوائد الأصول معنى فنيا لتقريب هذا المدّعى ، نعم يمكن أن نستنتج من كلمات العراقي «قده» ـ على ما في بعضها من التشويش ـ بيانين في مقام الاستدلال على هذا المسلك.
١ ـ البيان الأول : وهو مركّب من ثلاث نقاط.
__________________
(١) مصباح الأصول : محمد سرور ، ج ٢ ، ص ٣٥١.
(٢) فوائد الأصول : الكاظمي ، ج ٤ ، ص ٩.
(٣) مقالات الأصول : العراقي ، ج ٢ ، ص ١١ ـ ١٢.