ضمن الخصوصية ، فمثل هذا غير عرفي ، لكن عند الكلام عن البراءة العقلية لا نتعامل مع دليل لفظي ليجري فيه ذلك ، بل يكون التعامل مع قانون عقلي ، فلا بدّ من تطبيقه بالدقة ، ومقتضى ذلك القول بأنّ اللّابيان يؤمن بمقداره ، والبيان ينجز بمقداره ، ومحطّ البيان غير محطّ اللّابيان ، إذ محطّ البيان هو الجامع إذن فينجز الوجوب بما هو مضاف للجامع ، ويؤمن عنه بما هو مضاف للفرد ولا تنافي.
إذن ، إذا كان المقصود بتعارض الأصول ، تعارض كل البراءات حتّى العقلية ، فهذا غير صحيح ، لأنّ البراءتين العقليتين لا تعارض بينهما.
وإن كان المقصود بتعارض الأصول البراءة الشرعية فقط ، فلا بأس بذلك ، لأنّه يبقى عندنا مؤمن ، وهو البراءة العقلية بناء على قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، إذن فمسلك الميرزا «قده» غير تام مبنى.
وإن شئت قلت : انّه إذا كان المقصود من الأصول الّتي تعارضت وتساقطت ، هي خصوص البراءات الشرعية ، فهذا صحيح ، ولكن تبقى البراءة العقلية ، وتكون مؤمّنة ، ومعه لا يتمّ ما ذكره من التنجيز بالواسطة.
وإن كان المقصود من الأصول ما يشمل البراءات العقلية أيضا ، فهذا غير ممكن ، لأنّ البراءة العقلية حكم عقلي ، ولا تعارض بين أحكام العقل بحسب مقام الإثبات ، وحينئذ ، فلا بدّ من النظر إلى ملاكها بحسب مقام الثبوت ، وحينئذ يقال : بأنّ ملاكها ، وهو قبح العقاب بلا بيان ، تام في كل من الطرفين ، لأنّ كلا منهما بخصوصه لا بيان عليه ، وهذا لا يلزمه الترخيص في المخالفة القطعية ، لأنّ الجامع بين الفردين قد تمّ عليه البيان ، فيكون منجزا بمقداره ، ويجب إيجاده ولو بأحد فرديه ، ويكون مؤمّنا عنه بما هو مضاف لهذا الفرد ولا تنافي.