أ ـ النقطة الأولى : هي انّ هناك فرقا بين العلم والتنجز ، حيث أنّ العلم صفة للصورة الذهنية القائمة في أفق النّفس.
وأمّا التنجز فهو صفة للحكم الشرعي الواقعي القائم في لوح التشريع.
إذن فلا يمكن أن يقاس التنجز بالعلم وأنّه مثله بأن يقال : انّ التنجيز كالعلم ، فكما انّ العلم يقف على الجامع ولا يسري منه إلى أفراده فكذلك التنجز لا يسري من الجامع إلى الخارج ، وقد عرفت أنّه يوجد فرق بين العلم والتنجز ، إذ ما هو معروض التنجز مختلف سنخا عمّا هو معروض العلم ، لوضوح انّ العلم لا يتعلّق بالخارج ابتداء ، وإلّا لما أمكن فيه وقوع الخطأ أصلا في تحقّق معلومه ومتعلقه ، بينما العلوم الخاطئة كثيرة ، وإنّما متعلّق العلم هو الصور الذهنية الحاكية عمّا في الخارج.
ب ـ النقطة الثانية : هي أنّه بعد أن عرفنا انّ التنجز صفة للواقع الخارجي للحكم ، فمن الواضح أنّ الواقع الخارجي للحكم إنّما يتصف بالتنجز إذا كان واصلا ومبينا ، لأنّه مع عدم وصوله وبيانه تجري فيه قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، لكن لا نريد بالعلم هنا ، العلم المتعلق بنفس الواقع الخارجي ، لأنّ هذا غير معقول كما عرفت في النقطة الأولى ، لأنّ العلم التفصيلي فضلا عن العلم الإجمالي لا يتعلّق بالواقع الخارجي ، إذ لو شرطنا أن يتعلّق به العلم مباشرة لانسدّ باب التنجز.
وعليه : فالعلم المنجز إنّما هو العلم بالصورة الواقعية ، باعتبار أنّ العلم يعرض على الصور الذهنية المطابقة للواقع الخارجي الحاكية عنه ، فمعنى أنّ الواقع الخارجي للحكم الشرعي يتنجز بالعلم ، يعني يتنجز إذا علم بصورة ذهنية له حاكية عن ذلك الواقع الخارجي ومطابقة له ، يكون حينئذ منجزا.