الإجمالي يتعلّق بالجامع ، إذن فهو لا ينجز سوى الجامع ، والجامع يتحقّق بأحد الفردين ، وأحدهما قد تحقّق خارجا.
٢ ـ الدعوى الثانية : هي أنّ العلم الإجمالي يستدعي وجوب الموافقة القطعية بالواسطة ، واستدلّ على هذه الدعوى ، بأنّ العلم الإجمالي علّة لحرمة المخالفة القطعية ، وهذه الحرمة علّة لتعارض الأصول ، والتعارض يوجب تساقطها ، وهذا يعني أنّ كل شبهة في كل طرف تبقى شبهة بلا أصل مؤمّن ، وهذا وحده يكفي في التنجيز ، وهذا التنجيز وإن كان تنجيزا بالاحتمال لا بالعلم ، لكن هذا التنجيز الاحتمالي من بركات العلم ، لأنّ هذا التنجيز إنّما حدث بسبب تساقط الأصول في الأطراف ، إذ لو لا ذلك لما كان الاحتمال منجزا ، وتساقط الأصول نشأ من التعارض ، والتعارض معلول لحرمة المخالفة القطعية ، وحرمة المخالفة القطعية هذه ، معلولة للعلم الإجمالي ، وبذلك يكون هذا التنجيز من تبعات العلم الإجمالي ، لكن بالواسطة كما عرفت ، ومن هنا صحّ القول : بأنّ العلم الإجمالي يقتضي وجوب الموافقة القطعية بالواسطة لا مباشرة.
ولنا تعليق على كل من هاتين الدعويّين.
أمّا ما جاء في دعواه الأولى ، وإن كنّا نوافق عليه بالجملة ، حيث كنّا نقول : إنّ العلم الإجمالي لا يقتضي أصلا وجوب الموافقة القطعية ، بل نرى ذلك على جميع المباني في العلم الإجمالي ، لا على خصوص مبنى الميرزا «قده» ، لكن لا على الإطلاق بل على التفصيل الّذي ذكرناه ، حيث أنّنا بيّنا أنّه في الشّبهات الموضوعية عند ما يكون التردّد فيها في التقيّد المردّد دخوله تحت الأمر المعلوم ، حينئذ يكون العلم الإجمالي منجزا لوجوب الموافقة القطعية ، وكلام الميرزا «قده» وإن كان صحيحا في أصل الدعوى ، لكن ينبغي أن يفصل ويخصصها بموارد الشبهة الحكمية ، وعليه : فإطلاق الدعوى الأولى غير تام.