أعمى إصبعه وقال : «هذا» فإن كان الواقف أمامه «زيد» فسوف يكون هو المشار إليه ، وإن كان «عمرو» فكذلك ، فهنا لا يقال : إنّ المشار إليه هو الجامع لأنّه لا يشير لذلك ، بل المشار إليه واحد ، غايته انّ هويته مردّدة وغير متعيّنة ، فهذا كأنّه تردّد في الإشارة ذاتها وانّها على وجه الترديد ، ولأجل هذا ادّعى صاحب الكفاية «قده» (١) تعلّق العلم الإجمالي بالفرد المردّد.
وبهذا البيان تندفع كل الإشكالات الّتي أوردت على المباني الثلاثة.
أمّا ما أورد على الأول ، من انّ الفرد المردّد يستحيل أن يكون له وجود في الذهن أو في الخارج.
فجوابه : أنّه ليس المدّعى انّ لهذا الفرد وجودا ليرد هذا الإشكال. بل نقول : إنّ هذا الوجود الذهني المستخدم بنحو الإشارية قابل للانطباق على هذا الفرد بالخصوص وعلى ذاك الفرد ، وهذا ليس معناه التردّد ، لا في عالم الذهن ولا في عالم الخارج.
وأمّا ما أورد على المبنى الثاني للميرزا «قده». من أنّه كيف يقال : بأنّ العلم الإجمالي يتعلّق بالجامع ولا يتعدّاه ، مع انّا لنا علما وجدانيا بما هو أزيد من الجامع ، لأنّنا نعلم بالبرهان أنّ الجامع لا يوجد إلّا في ضمن حصة ما ـ أي مع الخصوصيّة ـ وهذا معناه إنّا نعلم بتلك الحصة أيضا.
فجوابه : يتضح بما تقدّم لأنّنا نقول : إنّ العلم الإجمالي علم بالجامع الكلي ، إلّا أنّ هذا الجامع الكلي استخدم بنحو الإشارية ، كما
__________________
(١) كفاية الأصول : الخراساني ، ج ٢ ، ص ١٤١.