ولكن هذا الكلام ليس صحيحا ، لأنّه لا ينطبق على المفاهيم الموجودة في الذهن ، بل المفاهيم الّتي توجد في الذهن كلها كلية في نفسها وليس فيها مفهوم جزئي على الإطلاق ، وضمّ أيّ قيد مفهومي إليها لا يخرجها عن كونها كلية إلى الجزئية ، لأنّ هذا القيد هو بنفسه مفهوم كلي أيضا ، فضمّ كلي إلى كلي لا يصيّره جزئيا حقيقيا ، وإن صيّره جزئيا إضافيا ، ومن الواضح انّ الجزئي الإضافي إذا لم يكن حقيقيا ، فهو كلي ، إذن ، كل مفهوم لا يمكن أن يخرج بالتقييدات المفهومية عن الكلية إلى الجزئية ، لأنّ الكلام في القيد هو الكلام في المقيّد ، وعليه : فهذه المفاهيم الّتي هي كلية بحسب ذاتها ، فإنّ للذهن في كيفية استعمالها طرزان.
١ ـ الطرز الأول : هو أن يستخدم الذهن المفهوم بنحو الإشارية إلى الخارج كما في قولنا : «هذا الإنسان مريض» ، غاية الأمر انّ هذه الإشارة معنوية ، بخلاف إشارة الإصبع ، فإنّها خارجية حسيّة ، فهنا مفهوم الإنسان استخدم بنحو الإشارية ، وقرينة هذا الاستخدام اسم الإشارة.
٢ ـ الطرز الثاني : هو أن يستخدمه بما هو فان في معنونه كما في قولنا : «الإنسان ضاحك» ، والمفهوم في كلتا القضيتين كلي ، غايته أنّه في مقام التطبيق على الخارج يرى المفهوم في النحو الأول ضيقا وغير قابل للانطباق على كثيرين ، ويرى في الثاني واسعا وقابلا للانطباق على كثيرين ، والوجه في ذلك هو ، انّ الإشارة تجعل المفهوم موضوعا لقضية خارجية فيكون جزئيا ، لا بمعنى أنّ المفهوم يتحول إلى مفهوم جزئي حقيقة ، بل بمعنى انّ هذا المفهوم بالإشارة يكون ضيقا في نظر الذهن وفي مقام تطبيقه على الخارج ، بينما المفهوم بالطرز الثاني والّذي لا يكون مستخدما بنحو الإشارية يقع موضوعا للقضية الكلية ، وقد تكون هذه القضية الكلية ملحوظة على نهج القضية الحقيقيّة ، بمعنى أنّ