فإذا تعقلنا هذا ، حينئذ نقول في مقام جواب الأصفهاني «قده» : إنّ الحدّ الشخصي محكي بهذه الصورة العلمية الإجمالية ، فهي كما انّها تحكي عن الجامع ، هي أيضا حاكية عن الحدّ الشخصي ، إلّا أنّ الحدّ الشخصي محكي عنه بالجانب الإجمالي في الصورة ـ أي بالجانب الّذي فيه حيثيّة غموض ـ لا بالجانب الواضح منها ، حيث أنّ فيها صورتين كما عرفت ، لكن لا خارجا ، بل وفقا لطرز تفكير المحقق العراقي «قده» ، وهذا لا يعني أنّه أصبح معلوما على حدّ معلوميته في العلم التفصيلي.
وبهذا يتضح انّ هذه الإشكالات على المبنى الثالث لا ترجع إلى محصل.
إلّا أنّ الظاهر في المقام ـ باعتبار أنّهم يتكلّمون عن أمر وجداني ، وهو العلم الإجمالي ـ الظاهر أنّهم قصدوا معنى واحدا ، ولكن لم يتوفقوا صناعيا للتعبير عن هذا المعنى ، حيث أنّ كل واحد منهم أخذ زاوية وتكلّم عنها وكان محقّا فيما تكلّم من زاويته ، إلّا أنّ تلك الزوايا لم تجتمع لكي تتجسد روح المسألة.
إذن فالمباني الثلاثة في تفسير العلم الإجمالي ترمي إلى مطلب واحد وحقيقة واحدة ، لكن هذه الحقيقة لها ثلاث زوايا ، وكل مبنى من هذه المباني لاحظ الحقيقة في إحدى هذه الزوايا ، وهو في حدود ملاحظته محق.
وبما انّ الحقيقة لا تتكامل إلّا عند ما تبرز بكامل أبعادها وجهاتها. فلا بدّ من تحقيق الحال في المقام ، وهو يتوقف على بيان نكتة حاصلها : انّ المفاهيم الّتي توجد في الذهن ـ وإن قرأنا في المنطق ـ انّها تنقسم إلى مفهوم كلي وآخر جزئي ، وانّ الكلي ما لا يمتنع صدقه على كثيرين ، وانّ الجزئي هو ما يمتنع صدقه على كثيرين.