ولكن قد ذكرنا في بحث الوضع عند التكلّم عن الوضع العام ، والموضوع له خاص ، انّ هذا الأصل الموضوعي ليس صحيحا على إطلاقه ، بل هناك بعض الجوامع يمكن انطباقها على الأفراد مع خصوصياتها وعلى الواقع بتمامه وحدّه ، بل انّ العراقي «قده» نفسه ذكر في تلك المسألة ، انّ بعض الجوامع تنطبق على الواقع بحدّه ، وعلى الفرد بخصوصيته ، وسمّاها بالجوامع المصطنعة للنفس ، أي انّ النفس تصنعها ، فكأنّه صوّر أنّ الجوامع على قسمين.
قسم : النفس تنتزعها من الخارج ، وهذا يستحيل انطباقه على الفرد بتمامه.
وقسم : الذهن البشري ينشئها ، من قبيل عنوان : الجزئي ، والفرد ، والخصوصية ، ونحو ذلك ، فمثل هذه العناوين اختار هناك أنّ النفس تنشئها وتخترعها بحيث يمكن تطبيقها على الفرد بتمامه دون الجوامع الّتي تنتزعها النفس من الخارج ، حيث لا يمكن انطباقها كذلك.
والحاصل هو ، أنّ الجامع الإنشائي للنفس يعقل انطباقه على الفرد بتمامه ، وقد مضى تفصيل ذلك في محله.
وعلى ضوء هذا يبطل برهان العراقي «قده» إذ لا يعقل أن يستدل بكلامه على تعلّق العلم الإجمالي بالواقع ، وبأنّه ينطبق على الواقع بتمامه ، لأنّه لعلّ المعلوم بالإجمال يكون من سنخ الجوامع الإنشائية المصطنعة للنفس والّتي اعترف هو نفسه بأنّها تنطبق على الواقع بتمامه ، نعم يحتمل أن يكون مقصوده من تعلّق العلم بالواقع دون الجامع هو ، إنكار أن يكون المعلوم الإجمالي متعلقا بالجامع بالمعنى الّذي يستحيل انطباقه على الواقع بتمامه ، بل مقصوده من تعلّق العلم الإجمالي هو تعلّقه بجامع إنشائي يكون ما بإزائه الواقع بتمامه ، وحينئذ يتطابق كلامه هنا مع كلامه هناك ، وتكون صورة برهانه مقبولة على مبناه.