وقد اعترض الميرزا «قده» (١) على هذا المبنى الأخير فقال : إنّ العلم الإجمالي إذا كان متعلقا بالواقع لا بالجامع ، لزم محذور ، وهو أنّه لو علم إجمالا بنجاسة أحد إناءين ، وفرض أنّهما كانا في الواقع نجسين معا ، ففي مثله يسأل : أنّه ما هو الواقع المعلوم بالإجمال؟ فإن قيل انّه إحدى النجاستين دون الأخرى ، فهو ترجيح بلا مرجح ، وحينئذ إمّا أن يلتزم بالترجيح بلا مرجح وهو محال ، وإمّا أن يلتزم بأنّ العلم ليس له معلوم ، فهو غير متعلّق بهذا ولا بذاك ، وهذا محال أيضا ، لأنّ العلم لا يكون بلا معلوم ، وإمّا أن يلتزم بأنّ متعلقه ليس هو الواقع ، بل متعلقه الجامع ، وهو محفوظ ، لأنّ الجامع بين النجاستين معلوم.
وبهذا يثبت انّ العلم الإجمالي ليس متعلقا بالواقع ، بل هو متعلق بالجامع.
وهذا الكلام لا ربط له بمحل الكلام ، فلا ينبغي أن يجعل برهانا على إبطال المبنى الثالث ، وتعيين الثاني ، لأنّ من يقول انّ العلم الإجمالي يتعلق بالواقع لا بالجامع ليس مقصوده من ذلك ، انّ العلم الإجمالي يتعلق بالواقع الخارجي مباشرة ، وإلّا لما أخطأ العلم أصلا ، وكان معناه : انّ العلم الإجمالي لا بدّ وأن يكون مطابقا للواقع ، لأنّ كل علم لا بدّ له من معلوم ، مع أنّه لا يخطر على بال أحد ، ان يدّعي مثل هذه الدعوى ، بل المقصود انّ العلم الإجمالي كالتفصيلي ، يتعلّق بالصورة الذهنيّة القائمة في أفق نفس العالم لا بالواقع الخارجي ، ويعبّر عن تلك الصورة بالمعلوم بالذات ، وهناك معلوم بالعرض ، وهو الواقع الخارجي بحيث إذا كان له واقع خارجي مطابق له كان القطع ، وقد لا يكون ، ونفس هذا يقال في العلم الإجمالي ، فإنّه لا يتعلّق بالواقع
__________________
(١) أجود التقريرات : الخوئي ، ج ٢ ، ص ٣٤٣ ـ ٣٤٤.