إلّا أنّه يمكن أن نتصيّد من بعض فقرات كلامه نوعا من الاستدلال حيث يقول : إنّ العنوان القائم في أفق العلم ، أي المعلوم بالذات ، ينطبق على الواقع بتمامه ، يعني أنّ المعلوم الإجمالي بالذات ـ الّذي هو الصورة الذهنية القائمة في أفق نفس العالم ـ ينطبق على الواقع بتمامه ، لا على الواقع بحدّ منه وبمرتبة منه.
وهذا الكلام قد يجعل أساس برهان فيقال : إنّ العلم الإجمالي متعلّق بصورة شخصية لا كليّة جامعة ، لأنّه لو كان متعلقا بعنوان كلّي لما انطبق على الواقع بحدّه وبتمامه ، باعتبار أنّ الجامع إنّما ينطبق على الواقع بمرتبة منه لا بتمامه ، إذ ذكر في المنطق ، انّ الجامع ينتزع من الأفراد بعد إلغاء خصوصياتها وطرح حدودها ، فعنوان الإنسان ينتزع من «زيد ، وعمرو ، وبكر» بعد إلغاء خصوصيات هذه الأفراد ، ومعه : فهذا الجامع المنتزع بعد طرح الخصوصيات لا ينطبق على المطروح ، بل ينطبق على الباقي بعد الطرح من الأفراد ، فالجامع إذن لا يعقل انطباقه على الأفراد مع خصوصياتها الّتي تطرح منها ، وإنّما ينطبق على الأفراد بلحاظ الحيثيّة المشتركة بينها بعد الطرح ، وحينئذ بحسب الخارج ، نرى أنّ الصورة العلميّة الإجمالية تنطبق على الواقع بتمامه لا على الواقع بلحاظ منه.
وهذا يكشف ، عن انّ الصورة العلمية الإجمالية ليست أمرا كليا وجامعا ، وإلّا لاستحال انطباقها على الواقع بتمامه.
وبهذا يكون هذا الكلام ، صورة برهان ينتزع من كلام العراقي «قده» لإثبات عدم تعلّق العلم الإجمالي بالجامع وإنّما هو متعلّق بالواقع ، أي بصورة شخصية.
إلّا أنّ هذا البرهان ، إنّما يتمّ لو سلّمنا الأصل الموضوعي المبني عليه ـ وهو استحالة انطباق العنوان الجامع على الفرد بتمامه وعلى الواقع بخصوصيته كما بيّناه.