إذن فالعلم الإجمالي عند ما نختار أنّه منجز بصورة مباشرة فهو يتّحد مع المسلك الأول.
وحيث أنّه وقع في بعض كلمات الباحثين بناء هذه المسألة على ما هو المدّعى والمتصور في حقيقة العلم الإجمالي ، حيث ادّعي أنّه إن بنينا على انّ العلم الإجمالي علم بالجامع ، فحينئذ ، لا يكون مؤثرا في وجوب الموافقة القطعية ، وإنّ بنينا على أنّه علم متعلّق بالواقع وليس بمجرد الجامع ، فيكون مؤثرا بوجوب الموافقة القطعية.
وحيث أنّ المسألة بنيت في كلماتهم على تحقيق حقيقة هذا العلم الإجمالي ، وأنّه هل هو متعلّق بالجامع ، أو بالواقع؟ وفرّع عليه ما هو المختار من هذه المسالك.
ومن أجل ذلك ، سوف نقدّم مقدّمة في تحقيق حقيقة العلم الإجمالي ، وفي كيفية تعلّقه بمعلومه قبل الشروع في تحقيق المسالك الثلاثة ، ثمّ بعد هذا نشرّع في تحقيق المسالك الثلاثة لنرى أنّ المبنى الأصولي هل يختلف باختلاف تلك الأقوال ، أو أنّ النتيجة الأصولية على نحو واحد مهما كانت الأقوال في حقيقة العلم الإجمالي؟.
وحاصل هذه المقدّمة هو ، انّ التصورات في حقيقة العلم الإجمالي ترجع إلى ثلاثة مباني.
١ ـ المبنى الأول : هو المستفاد من ظاهر كلمات صاحب الكفاية «قده» (١) في بحث الواجب التخييري حيث ذكر في تصوير الواجب التخييري (٢) ، انّ الوجوب فيه يتعلّق بالفرد المردّد ، بين العتق ، والإطعام ، والصّيام ، وهذا علم إجمالي قد تعلّق بالفرد المردّد ، وكون
__________________
(١) كفاية الأصول : الخراساني ، ج ٢ ، ص ٣٩.
(٢) كفاية الأصول : الخراساني ، ج ١ ، ص ٢٢٥ ـ ٢٢٦.