وأمّا إن كان المراد منه اليقين المنطقي ، «وهو الجزم المضمون الحقّانيّة» ، هو الّذي يزول لكثرة الأخطاء ، حيث يقال : إنّ الدليل العقلي قد يخطئ فلا تكون الأدلة العقلية حينئذ مضمونة الحقّانيّة.
وهذا الكلام وان تمّت صغراه ، لكن الكبرى لا تتم ، لأنّ الحجيّة بمعنى المعذرية والمنجزية موضوعها الجزم واليقين الأصولي الّذي ليس معه شك ، وليس موضوعها اليقين المنطقي البرهاني المضمون الحقّانيّة ، إذ الأصولي لا شغل له باليقين البرهاني ، بل شغله بالقطع والظن والشك ، فانكفاء وتعثر اليقين البرهاني لا يضرّ بغرض الأصولي.
هذا ما ينبغي قوله في مقام التعليق على هذا الكلام ، إلّا أنّ الموجود في الكتب في مقام التعليق على هذه النقطة ، اتجاه آخر ، حيث ذكروا في مقام الجواب على مسألة «انّ كثرة الخطأ يوجب زوال اليقين» فقالوا : إنّ كثرة الخطأ إنّما تقع لعدم مراعاة قواعد وعلم المنطق وضمان تفادي هذا الخطأ يكون بمراعاة علم المنطق ونحن نتكلم عن الأدلة العقلية الّتي روعي فيها علم المنطق ، وكأنّهم افترضوا انّ الكلام في اليقين المنطقي ، فلم يميزوا بصورة واضحة بين اليقين الأصولي واليقين المنطقي.
ولذلك أشكل المحدّث الأسترآبادي على هذا الكلام ، حيث قال : بأنّ علم المنطق يعصم من الخطأ من ناحية الصورة ، ولا يعصم من ناحية المادة.
وقد أجاب العلماء على هذا الكلام : بأنّ الخطأ في المادة لا بدّ وأن ينتهي إلى الخطأ في الصورة ، وذلك بعد أن نستبطن طريقة القوم المتعارفة عند هؤلاء في المنطق الأرسطي ، فهم يقولون أنّه توجد معارف أولية هي أساس المعرفة البشرية وهذه المعارف تستنبط منها كل معرفة بطريقة البرهان ، وهذه الطريقة يحدّدها علم المنطق ، وحينئذ ، إذا جئنا