كانوا يتصورون ، وخطأ هذا الاعتقاد لا يستلزم خطأ الاعتقاد بقضية العقول العشرة ، أي بالقضية الأخرى ، إلّا أنّه بعد ثبوت بطلان القضية الأولى ـ أي العقول العشرة ـ يبطل برهان القضية الثانية ، وهو انّ الواحد لا يصدر عنه إلّا واحد ، أي أنّ برهان «انّ الواحد لا يصدر منه إلّا واحد» لا يمكنه أن يثبت عقولا عشرة ، بل عقل واحد لا غير.
٢ ـ المثال الثاني : هو أن يخبرك شخص بإخبارات متعددة ، ثمّ بعد ذلك تطلع على كذبه في عدد كبير منها ، فانّه حينئذ يزول تصديقك له فيما يأتي به من أخبار جديدة ، وإن لم يكن تلازم بين الصدق والكذب في تلك الأخبار ، لأنّ الكذوب قد يصدق أحيانا ، لكن رغم هذا ، يزول الاعتقاد بصحة كلامه كلّه ، لأنّ برهان هذا الاعتقاد كان حساب الاحتمال ، فتضيق نسبة الصدق في مجموع الكلام ، إذ كنت تصدقه في أكثر ما يقول ، ثمّ بعد الاطلاع على كذبه في جملة من الإخبارات السابقة تهبط حينئذ هذه النسبة ، ومعها يهبط الاعتقاد بكلامه الجديد وهذا معناه زوال البرهان على تصديق أخباره الجديدة.
٣ ـ الحالة الثالثة : هي أن يفرض وجود حالة نفسية ـ وليست حالة منطقية كما هو الحال في الأولى ـ تمنع من حصول اليقين بالقضية الثانية بعد ظهور خطأ اليقين بالقضية الأولى ، وهذا من قبيل : ما حصل لجملة من الفلاسفة الشكّاكين ـ من عدم حصول اليقين في القضية الثانية ـ بسبب تذبذب البراهين في أفكارهم ولما كان يتراءى لهم من أخطاء في القضية الأولى أوجبت بطلان الثانية ، فهنا ، زوال الاعتقاد ببعض القضايا ، كان نتيجة لزوال الاعتقاد بقضايا أخرى ، ولم ينشأ من التلازم بين القضيتين كما في الحالة الأولى ، ولا من ناحية فقدان البرهان كما في الثانية ، بل هي حالة نشأت من سبب نفسي.
ولا إشكال انّ محل الكلام ليس من قبيل الحالة الأولى ، فإنّا لا