هذا العقل في إثبات «النّبوّة أو الله» ، فإنّ إثبات هذه الأصول وإن استدل عليها ببراهين عقلية ، إلّا أنّها هي بحسب الحقيقة تثبت بأدلة استقرائية أيضا ، وحالها حال أي قضية عرفية تثبت بأدلة استقرائية ، وإن استدل عليها ببراهين عقلية ، وكذا النقض الثاني لا يردّ عليه ، لأنّ كثرة الأخطاء هذه إنّما تمنع عن كاشفية خصوص العقل البرهاني ، إذن ، فهذان النقضان غير واردين على المحدّث حينئذ.
وأمّا حلا : فنطرح بادئ ذي بدء هذا السؤال ، وهو أنّه ، لما ذا كان الاطلاع على كثرة الأخطاء في الاستدلالات العقلية موجبا لعدم حصول اليقين منها؟ وللجواب عن ذلك يمكن للأخباريين ذكر تقريبين.
١ ـ التقريب الأول : هو انّه إذا فرض أن استعرضنا مجموعة الاستدلالات العقلية ، وافترضنا أنّ جزءا معينا منها ثبت خطؤه ، فمثلا لو فرض أنّ مجموع الاستدلالات العقلية مائة ، وفرضنا انّ خمسا وعشرين منها ثبت خطؤه ، حينئذ مقتضى ذلك انّ أيّ استدلال نلحظه يكون نسبة احتمال عدم الخطأ فيه مطابقة مع نسبة مجموع الاستدلالات الصحيحة إلى مجموعة الاستدلالات ، فإن كان مجموع الاستدلالات الصحيحة خمسة وسبعون من مائة ، أي ثلاثة من أربعة ، إذن يكون احتمال عدم الخطأ فيه ثلاثة على أربعة.
وبتعبير آخر ، إذا كان في كل أربعة عراقيين يوجد عراقي واحد مريض ، حينئذ إذا وجدت عراقيا واحدا ، يكون احتمال كونه مريضا ، واحدا على أربعة ، واحتمال عدم كونه مريضا واحدا على أربعة ، فإذا كان هناك نسبة معينة من المجموع ، حينئذ ، بمقتضى قانون حساب الاحتمال يستحيل أن يكون احتمال عدم مرضه أكبر من تلك النسبة ، ومن هنا لا يمكن أن يحصل الجزم من الدليل العقلي.
والحاصل : هو أنّه لو فرض أنّ مجموع الاستدلالات في الدليل