والرّواية صحيحة ، وليس كما ادّعي ، ولكنّها ناظرة إلى ما ذكرنا ، لأنّ أبان حينما سمع بذلك الحكم ، حصل له اطمئنان سريع بأنّ هذا حكم غريب لا يحتمل ثبوته وذلك لأنّه لم يلتفت إلى الأدلة الشرعية ، بينما لو فحص في الأدلة لما حصل عنده قطع واطمئنان بغرابة الحكم ، بل ولزال من نفسه هذا القطع كما هو الحال في كل الأمور الّتي لا يراجع الصغار فيها الكبار ، بينما لو راجعوا أو سألوا لم يحصل لهم الاطمئنان فضلا عن القطع في جلّ ما قطعوا به ، وهذا ما يعبّر عنه بالتقصير في مقدّمات الدليل.
فالرّوايات الّتي استدلوا بها على التقييد المذكور لا تخلو من أحد هذه المضامين الثلاثة ، واستيعابها مفصلة يخرجنا عن طور علم الأصول ، هذا محصل الكلام في مقام الإثبات ، إذن فهذه الوجوه الخمسة غير تامة إثباتا ، حتّى لو فرض أنّها ممكنة ثبوتا.
والخلاصة هي أنّ الوجوه الخمسة لدعوى القصور في الدليل العقلي الناشئ من النقص في عالم الجعل ، يقع تارة إثباتا ، وقد عرفت أنّها غير تامة.
وبقي الكلام ثبوتا ، ولنا حوله ثلاث تعليقات.
١ ـ التعليق الأول : هو انّ هذا الكلام لو تمّ وصحّت هذه الوجوه الخمسة ، وفرض أنّ العلم بالجعل مأخوذ في موضوع المجعول ، لكن هذا لا يعني أنّ فقيها أصوليا إذا لم تثبت عنده هذه الوجوه ولو اشتباها ، وتمسك بإطلاقات الأدلة ، يكون القطع العقلي حجّة بالنسبة إليه تنجيزا وتعذيرا.
إذن ، فالنزاع بين الأصوليين والإخباريين بناء على هذا ، يكون نزاع تخطئة وليس نزاع اتهام ، من قبيل النزاع في نجاسة الخمر وطهارته ، أو