تمسكوا بروايات ذكرها الشيخ في الرّسائل ، وهذه الرّوايات لا تتم دلالة وحجيّة شيء منها في إثبات هذا التقييد ، لأنّها لا تخلو من أحد أمور ثلاثة.
١ ـ الأمر الأول : هو أن تكون مسوقة لبيان عدم جواز التعويل على الأدلة العقلية الظنية الّتي يعول عليها فقهاء غير الإمامية في استنباط الأحكام الشرعية ، ولأجل ذلك شدّد الأئمّة النكير على من كان يعوّل على مثل هذه الأدلة من القياس والاستحسان ، وسد الذرائع والمصالح المرسلة وغيرها.
ولكن معه تكون هذه الرّوايات أجنبية عن محل النزاع بناء على ما ذكرناه في المقدّمة الأولى ، من مقدمتي هذا البحث ، إذن ، على هذا الوجه يحمل قسم من الرّوايات.
٢ ـ الأمر الثاني : هو أن يكون قسما آخر من هذه الرّوايات دالا على اشتراط الولاية في صحة العمل ، بمعنى أنّ العمل من دون معرفة الإمام عليهالسلام والإيمان به لا يقع صحيحا.
وهذا مطلب نحن نقول به ونفتي به أيضا ، وأنّ العبادة لا تقع صحيحة إلّا مع الإسلام والإيمان ، أي الولاية ، فإذا اختل أحد الشرطين بطلت.
ولكن هذه الرّوايات الدالة على ذلك خارجة عن محل النزاع.
٣ ـ الأمر الثالث : هو أن يكون قسما ثالثا من هذه الرّوايات دالا على التأنيب على ترك الفحص عن الأدلة الشرعية والتوغل في أخذ المطالب والأحكام من الأدلة العقلية كما هو الحال في رواية أبان المعروفة (١) ، الّتي يقول فيها الإمام عليهالسلام : «إنّ السنّة إذا قيست محق الدّين».
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ١٩ ، كتاب الديات ، باب ٤٤ ، ص ٢٦٨ ، ح ١.