سبحانه قد بيّنه النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام وبلّغوه ، إذن ، فالتبليغ محفوظ ، فإن قيل : بأنّ الأحكام الشرعية مقيدة بكون التبليغ من الحجج عليهمالسلام ، فهنا عند ما يقوم دليل عقلي على حكم شرعي وانّ هذا الحكم شرّعه الله تعالى ، حينئذ نستكشف التبليغ من الحجج وأنّه وقع منهم عليهمالسلام ، وحينئذ يكون القيد محرزا ، ومعه لا يردّ الإشكال الّذي أورده الشيخ الأعظم «قده» (١) لأنّه مبني على كون القيد المأخوذ هو ، عنوان تبليغ الحجج عليهمالسلام لا عنوان الوصول من قبل الحجج عليهمالسلام ، مع أنّه يمكن له «قده» أن يقول : بأنّ القيد المأخوذ إنّما هو الوصول من الحجج عليهمالسلام وليس تبليغهم عليهمالسلام كما في الرّواية ، «انّه إن كان قد صام نهاره ، وصلّى ليله ، وتصدّق بجميع ماله ، ولم يكن ذلك بدلالة وليّ الله تعالى ، لم يقبل منه ذلك» ، الدالة على انّ العبرة بالوصول من الإمام عليهالسلام ، لا بالتبليغ الواقعي الثبوتي ، والوصول من الحجّة عليهالسلام غير متحقّق ، كما أنّه لا يردّ عليه ما أورده الميرزا «قده» ، من أنّ الوصول أو التبليغ من الحجج متحقّق ، لأنّ العقل هو أيضا حجّة ، لأنّه الرّسول الباطني فإذا استفاد الحكم من الدليل العقلي فيكون قد وصل إليه من قبل الحجّة ، فهذا لا يردّ أيضا ، وذلك لأنّ الكلام ليس في لفظة حجّة ومدلولها العقلي كي يقال : بأنّ مفهوم حجّة ينطبق على الدليل العقلي والعقل ، وإنّما الكلام في الحجج الأئمّة عليهمالسلام المعصومين كما هو منصرف اللفظ ، فإنه منصرف إلى الأئمة المعصومين عليهمالسلام.
نعم يردّ عليه ، انّ هذا المطلب غير تام لا إثباتا ولا ثبوتا.
أمّا إثباتا ، فلأنّ هذه الوجوه لو كانت معقولة فهي تحتاج إلى دليل يدلّ عليها ، لأنّ تقييد الوجوب أو الواجب بهذا القيد على خلاف مقتضى إطلاقات الأدلة ، والّذين ذهبوا إلى عدم حجيّة الدليل العقلي
__________________
(١) الرّسائل : ص ٩ ـ ١٠.