وقد قيل : إن من قرأ بالتاء فجوازه على التكرير ، تقديره : لا تحسبن الذين كفروا ، ولا تحسبن إنما نملى لهم ، ف «إنما» سدت مسد المفعولين ل «حسب» الثاني ، وهى وما عملت فيه مفعول ثان ل «حسب» الأول ؛ كما أنك لو قلت : الذين كفروا لا تحسبن إنما نملى لهم خير لأنفسهم ، لجاز ، فيدخل «حسب» الأول على المبتدأ.
١٨٠ ـ (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ)
من قرأ بالياء جعل «الذين» فاعلين» ل «حسب» ، وحذف المفعول الأول ، لدلالة الكلام عليه ، و «هو». فاصلة ، و «خيرا» مفعول ثان ؛ وتقديره : ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله البخل خيرا لهم ، فدل «يبخلون» على البخل ، فجاز حذفه.
فأما من قرأ بالتاء ـ وهو حمزة ـ فإنه جعل المخاطب هو الفاعل ، وهو النبي صلىاللهعليهوسلم ، و «الذين» مفعولا أول ، على تقدير حذف مضاف وإقامة «الذين» مقامه ، و «هو» فاصلة» ، و «خيرا» مفعول ثان ، تقديره : ولا تحسبن يا محمد بخل الذين يبخلون خيرا لهم ؛ ولا بد من هذا الإضمار ليكون المفعول الثاني هو الأول فى المعنى ، وفيها نظر ، لجواز تقدير «ما» فى الصلة تفسير ما قبل الصلة.
على أن فى هذه القراءة مزية على القراءة بالياء ؛ لأنك حذفت المفعول وأبقيت المضاف إليه يقوم مقامه ، وإذا حذفت المفعول فى قراءة «الياء» لم يبق ما يقوم مقامه
وفى القراءة أيضا مزية على القراءة بالياء ، وذلك أنك حذفت «البخل» بعد تقدم «يبخلون» ، وفى القراءة بالتاء حذفت «البخل» قيل إثبات «يبخلون» ، وجعلت «ما» فى صلة «الذين» تفسير ما قبل الصفة.
والقراءتان متوازيتان فى القوة والرتبة.
١٨٣ ـ (الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ)
«الذين» : فى موضع خفض بدل من «الذين» فى قوله (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ) الآية : ١٨١ ، أو فى موضع نصب على إضمار «أعنى» ، أو فى موضع رفع على إضمار «هم».
«ألّا نؤمن» : أن ، فى موضع نصب ، على تقدير حذف حرف الجر ؛ أي : بألا نؤمن.
و «أن» تكتب منفصلة من «لا» ، إلا إذا أدغمتها فى اللام بغنة ، فإن أدغمتها بغير غنة كتبتها منفصلة.
وقال غيره : بل تكتب منفصلة على كل حال.
وقيل : إن قدرتها مخففة من الثقيلة كتبتها منفصلة ، لأن معها مضمرا يفصلها مما بعدها ، وإن قدرتها الناصبة للفعل كتبتها متصلة ، إذ ليس بعدها مضمر مقدر.