١٨٥ ـ (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ)
«إنما توفّون أجوركم» : ما ، كافة ل «إن» عن العمل ، ولا يحسن أن يكون «ما» بمعنى «الذي» ، لأنه يلزم رفع «أجوركم» ، ولم يقرأ به أحد ؛ لأنه يصير التقدير : وإن الذي توفونه أجوركم ؛ وأيضا فإنك تفرق بين الصلة والموصول بخبر الابتداء.
١٨٨ ـ (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا
فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)
«لا تحسبنّ الّذين يفرحون» : من قرأه بالياء جعل الفعل غير متعد ، و «الذين يفرحون» فاعلون.
ومن قرأ «فلا يحسبنهم» بالياء ، جعله بدلا من «لا يحسبن الذين يفرحون» ، على قراءة من قرأه بالياء والفاء فى «فلا يحسبنهم» زائدة ، فلم يمنع من البدل. ولما تعدى «فلا يحسبنهم» إلى مفعولين استغنى بذلك عن تعدى «لا يحسبن الذين يفرحون» ؛ لأن الثاني بدل منه ، فوجه القراءة لمن قرأ «لا يحسبن الذين يفرحون» بالياء ، أن يقرأ «فلا يحسبنهم» بالياء ، ليكون بدلا من الأول ، فتستغنى بتعديته عن تعدى الأول.
فأما من قرأ الأول بالياء والثاني بالتاء ، فلا يحسن فيه البدل ، لاختلاف فاعليهما ؛ ولكن يكون مفعولا أول حذف لدلالة مفعولى الثاني عليهما.
فأما من قرأ «لا تحسبن الذين يفرحون» بالتاء ـ وهم الكوفيون ـ فإنهم أضافوا الفعل إلى المخاطب ، وهو النبي صلىاللهعليهوسلم ، و «الذين يفرحون» مفعول أول ل «حسب» ، وحذف الثاني لدلالة ما بعده عليه ، وهو «بمفازة من العذاب».
وقد قيل : إن «بمفازة من العذاب» هو المفعول الثاني ل «حسب» الأول ، على تقدير التقديم ، ويكون المفعول الثاني ل «حسب» الثاني محذوفا لدلالة الأول عليه ؛ تقديره : لا تحسبن يا محمد الذين يفرحون بما أوتوا بمفازة من العذاب ، فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ، ثم حذف الثاني ، كما تقول : ظننت زيدا ذاهبا ، وظننت عمرا بزيد ذاهبا ، فتحذفه لدلالة الأول عليه.
ويجوز أن يكون «يحسبنهم» ، فى قراءة من قرأه بالياء ، بدلا من «تحسبن الذين يفرحون» ، فى قراءة من قرأه بالياء أيضا ، لاتفاق الفاعلين والمفعولين ، والفاء زائدة لا تمنع من البدل.
فأما من قرأ الأول بالياء والثاني بالتاء ، فلا يحسن الثاني البدل ، لاختلاف فاعليهما ، ولكن يكون المفعول