وقد دللنا على ذلك في كتبنا وأمالينا وبيناه في كتاب «الذخيرة» وانتهينا إلى غايته.
وأقوى ما دلّ على صحّة هذه الجملة أنّ الله تعالى قادر على تبقيته حيا وعلى إماتته معا ، وبوقوع القتل لا يتغيّر القدرة على ذلك ، فيجب أن يكون الحال بعد القتل كهي قبله.
فأمّا قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) فالمعنى فيه أنّ من خاف أن يقتل على قتل يقلّ إقدامه على القتل ، ويصرفه هذا النقل (١) عن قتل يؤدّي إلى ذهاب نفسه وتلفها ، وإذا قلّ القتل استمرّت الحياة.
فإذا قيل : أليس قد جوّزتم أن يموت المقتول لو لم يقتل ، فكيف يستمرّ حياته لولا القتل ، وأنّكم قد جوّزتم هذا؟
قلنا : المقتول على ضربين :
أحدهما : المقتول الذي معلوم أنّ تبقيته مصلحة ، فلو لا القتل لبقي حيا.
والضرب الآخر : معلوم أنّ تبقيته مفسدة ، فلو لا القتل لا ميت ، وإذا كان القصاص ـ على ما ذكرناه ـ صادقا على القتل بغير حقّ بقي حياة كل مقتول علم الله تعالى أنّ تبقيته حيّا مصلحة. ولو لا القصاص لم يكن ذلك ، فبان وجه قوله : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) (٢).
الثاني : وممّا انفردت به الإمامية القول : بأنّ الاثنين أو ما زاد عليهما من العدد إذا قتلوا واحدا ، فإن أولياء الدمّ مخيرون بين أمور ثلاثة :
أحدها : أن يقتلوا القاتلين كلّهم ويؤدوا فضل ما بين دياتهم ودية المقتول إلى أولياء المقتولين.
والأمر الثاني : أن يتخيروا واحدا منهم فيقتلوه ويؤدي المستبقون ديته إلى أولياء صاحبهم بحساب أقساطهم من الدية.
فإن اختار أولياء المقتول أخذ الدية كانت على القاتلين بحسب عددهم.
__________________
(١) كذا والظاهر «القتل».
(٢) الرسائل ، ١ : ٤١٨.