فقال تعالى : (وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) أنّ الذي آثروه وجعلوه عوضا من الآخرة لا يتمّ لهم ، ولا يبقى عليهم ، وأنّه منقطع زائل ، ومضمحلّ باطل ، وأنّ المال إلى المستحقّ في الآخرة ؛ وكلّ ذلك واضح بحمد الله (١).
[الثاني : أنظر النحل : ٢٦ معنى «ما تتلوا» من الأمالي ، ١ : ٣٤٠].
[الثالث :] وممّن قيل : إنّه على مذاهب أهل الجبر من المشهورين أيضا (٢) لبيد بن ربيعة العامريّ ، واستدلّ بقوله :
إنّ تقوى ربّنا خير نفل |
|
وبإذن الله ريثي وعجل (٣) |
من هداه سبل الخير اهتدى |
|
ناعم البال ومن شاء أضلّ |
وإن كان لا طريق إلى نسب الجبر إلى مذهب لبيد إلّا هذان البيتان فليس فيهما دلالة على ذلك ، أمّا قوله :
وبإذن الله ريثي وعجل
فيحتمل أن يريد : بعلمه ؛ كما يتأوّل عليه قوله تعالى : (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) (٤) ؛ أي بعلمه ، وإن قيل في هذه الآية ، إنه أراد : بتخليته وتمكينه ، وإن كان لا شاهد لذلك في اللغة أمكن مثله في قول لبيد ؛ فأمّا قوله : «من هداه اهتدى ومن شاء أضل» فيحتمل أن يكون مصروفا إلى بعض الوجوه التي يتأول عليها الضّلال والهدى المذكوران في القرآن ؛ ممّا يليق بالعدل ولا يقتضي الإجبار ؛ اللهم إلّا أن يكون مذهب لبيد في الإجبار معروفا بغير هذه الأبيات ؛ فلا يتأوّل له هذا التأويل ؛ بل يحمل مراده على موافقة المعروف من مذهبه (٥).
__________________
(١) الأمالي ، ١ : ٣٩٩.
(٢) ذكر السيّد في كلامه قبل هذا الموضع عدّة من المشهورين بمذهب أهل الجبر ، لذلك عبّر هناب «أيضا».
(٣) ديوانه : ٣٩.
(٤) سورة البقرة ، الآية : ١٠٢.
(٥) الأمالي ، ١ : ٤٨.