فقد أقروا على أنفسهم بأن يريدوا أن يكفر بالله ويجب عليهم أن يجيزوا ذلك على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن يكون مريدا للكفر بالله تعالى ، وهذا غاية سوء الثناء عليه.
وإن قالوا : إنّ الذي نريده من الكفّار الإيمان. قيل لهم : فأيّما أفضل ما أردتم من الإيمان أو ما أراد الله من الكفر؟ فإن قالوا : ما أراد الله خير ممّا أردنا من الإيمان ، فقد زعموا أنّ الكفر خير من الإيمان. وإن قالوا : إنّ ما أردنا من الإيمان خير ممّا أراده الله من الكفر ، فقد زعموا أنّهم أولى بالخير والفضل من الله ، وكفاهم بذلك خزيا.
فيقال لهم : فما يجب على العباد يجب عليهم أن يفعلوا ما تريدون أنتم أو ما يريد الله؟ فإن قالوا : ما يريد الله ، فقد زعموا أنّ على أكثر العباد أن يكفروا ، إذ كان الله يريد لهم الكفر. وإن قالوا : إنّه يجب على العباد أن يفعلوا ما نريد من الإيمان ولا يفعلوا ما يريد الله من الكفر ، فقد زعموا أنّ اتباع ما أرادوا هم أوجب على الخلق من اتّباع ما أراد الله ، وكفاهم بهذا قبحا.
ولو لا كراهة طول الكتاب لسألناهم في قولهم : إنّ الله تعالى أراد المعاصي عن مسائل كثيرة يتبيّن فيها فساد قولهم ، وفيما ذكرناه كفاية ، والحمد لله ربّ العالمين.
فصل
الاخبار المسددة لمذهب العدلية
وممّا جاء من الحديث ما يصحّح مذهبنا في القضاء والمشيئة وغير ذلك ممّا ذكرنا ، فمن ذلك ما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «لا يؤمن أحدكم حتى يرضى بقدر الله تعالى». وهذا مصحّح لقولنا ؛ لأنّا بقدر الله راضون وبالكفر غير راضين.
وروي عن عبد الله بن شداد (١) عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه كان يقول في دعائه : «اللهم
__________________
(١) عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي عربي كوفي من خواص أمير المؤمنين عليهالسلام وكان من كبار ـ