ومن ذلك قوله تعالى : (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) (١) ونزلت هذه الآية في قصّة مشهورة ، وان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أسر إلى أحد زوجاته سرا ، فأسرّت عليه صاحبة لها من الأزواج أيضا ، واطلع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على فعلها فعاتب المظهرة للسرّ ، فأجابت بما هو مذكور في الآية.
ومن ذلك قوله تعالى : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) إلى قوله تعالى : (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٢). وقد وردت الرواية بخروج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خائفا من قريش واستتارة في الغار وأبو بكر معه ، ونهيه له عمّا ظهر منه من الجزع والخوف على ما يطابق من ظاهر القرآن.
ومن ذلك قوله تعالى : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) (٣) وعلى ما جاء به القرآن جرت الحال بين النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين زيد بن حارثة لما حضره مطلقا لزوجته.
ولما ذكرناه من الآيات نظائر كثيرة وردت مطابقة لقصص حادثة ، فدلّ على اختصاص النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذا القرآن وأنه منزل له ومن أجله ، كمسألتهم له صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الروح ، حتّى نزل من القرآن ما نزل في ذلك ، وكقولهم : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (٩٢)) (٤) وظاهر القرآن مطابق لما التمسوه وطلبوه منه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
لم تخل هذه الأخبار لمطابقة القصص ، والوقائع ، والأفعال ، والأقوال ،
__________________
(١) سورة التحريم ، الآية : ٣.
(٢) سورة التوبة ، الآية : ٤٠.
(٣) سورة الأحزاب ، الآية : ٣٧.
(٤) سورة الإسراء الآيات : ٩٠ ـ ٩٢.