في قوله تعالى : (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى) (١) ، فقد ذكر في عود الضمير أكثر من وجه منها : «أن ترجع الهاء إلى الإيتاء الّذي دلّ «وأتى» عليه ، والمعنى : وأعطى المال على حبّ الإعطاء ، ويجري ذلك مجرى قول القطامي (٢) :
هم الملوك وأبناء الملوك لهم |
|
والآخذون به والساسة الأول |
فكنى بالهاء عن الملك ، لدلالة قوله : «الملوك» عليه ، ومثله قول الشاعر :
إذا نهى السفيه جرى إليه |
|
وخالف والسفيه إلى خلاف |
أراد : جرى إلى السفه الّذي دلّ ذكر السفيه عليه» (٣).
وجاء في إعراب القرآن المنسوب للزجاج في الآية : «قيل : وآتى المال على حبّ الإعطاء. وقيل : وآتى المال على حبّ ذوي القربى ... وقيل على حبّ المال ، فعلى هذا يكون في موضع الحال ، أي آتاه محبّا له» (٤). وفي الكشّاف «على حبّه مع حبّ المال والشحّ به ... وقيل على حبّ الله ، وقيل على حبّ الإيتاء يريد أن يعطيه وهو طيب النفس بإعطائه ، وقدم ذي القربى لأنهم أحقّ» (٥). ولعلّ أصحّ الأقوال ـ والله أعلم ـ أن تكون الهاء ترجع إلى الله تعالى ، لأنّ ذكره تعالى قد تقدّم في الآية.
ومن ذلك تفسيره لدلالة لفظة الفرقان في قوله تعالى : (وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (٦) ، فقد ذكر أكثر من وجه منها : «أن يكون المراد بالفرقان القرآن ، ويكون تقدير الكلام : (وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) الّذي هو التوراة و «آتينا محمّدا «الفرقان» ، فحذف ما حذف ممّا يقتضيه الكلام ؛ كما حذف الشاعر على قوله :
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ١٧٧.
(٢) ديوانه : ٣٠.
(٣) أمالي المرتضى ، ١ : ٢٠٣ ، وينظر تفسير الطبري (جامع البيان) ، ٢ ـ ٥٦ ـ ٥٧.
(٤) اعراب القرآن المنسوب للزجاج ، ٢ ـ ٥٥٥ ـ ٥٥٦. وينظر التبيان في إعراب القرآن ، ١ : ١٤٤.
(٥) الكشّاف ، ١ : ٣٣٠.
(٦) سورة البقرة ، الآية : ٥٣.