فلا يعقل عندهم إيجاب العمل بما جعل طريقا إليه والتعبّد بترتيب آثاره في الظاهر ، بل التحقيق عدّ مثل هذا من وجوه الردّ على المصوّبة.
______________________________________________________
الفقيه ، ونحن نثبت حكم الله في الواقع قبل رأي الفقيه وبعده ، ونقول : ان الحكم الواقعي يشترك فيه العالم والجاهل (فلا يعقل عندهم) اي عند المصوبة(ايجاب) الشارع (العمل بما جعل) الخبر مثلا(طريقا اليه) اي إلى ذلك الواقع ، اذ عند بعضهم ، لا واقع اصلا ، وعند بعضهم واقع ، لكن الخبر ليس طريقا اليه ، بل كلما ادّى اليه الخبر فهو الواقع (و) لا يعقل عندهم (التعبد) من الشارع (بترتيب آثاره) اي آثار الواقع (في الظاهر) كما نقوله نحن : من وجود الواقع ، وأن تعبد الشارع بترتيب آثار ذلك الواقع على الظاهر ، فان تطابق مع الواقع ادرك المكلّف مصلحة الواقع ، وان لم يتطابق ادرك المصلحة السلوكيّة.
(بل التحقيق عدّ مثل هذا) الثالث : الّذي قلنا به من المصلحة السلوكية(من وجوه الرّد على المصوبة) اذا لو لم يكن حكم واقعي ثابت حتّى بعد اداء الأمارة المخالفة له ، لم يكن معنى : لجعل الأمارة طريقا اليه ، وتنزيل مؤداها منزلة الواقع ـ كما يستفاد ذلك من ادلة الأمارات ـ.
وامّا وجوه الرّد على المصوّبة ، فكثيرة ، فمن الكتاب قوله سبحانه :
(كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ، شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ)(١).
وقوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ)(٢) ، إلى غيرهما من الآيات.
__________________
(١) ـ سورة النساء : الآية ١٣٥.
(٢) ـ سورة المائدة : الآية ٤٤.