وإمّا الحمل على ما يظهر له في بادي الرأي من المعاني العرفيّة واللغويّة ، من دون التأمّل في الأدلّة العقليّة ومن دون تتبّع في القرائن النقليّة ، مثل الآيات الأخر الدالّة على خلاف هذا المعنى
______________________________________________________
الآيات ممّا يحتاج إلى التدقيق والتحقيق كما اذا تغيّرت لغة العرب ، حيث لا يفهمون القرآن بسبب تغيير لغتهم لا بسبب القرآن نفسه ، وهذا بحث طويل ، أردنا الالماع اليه ، فقط ، والله العالم.
(وامّا الحمل) على ظاهر اللفظ ، بالنظر البدوي مقابل الحمل على خلاف الظاهر ، فبالحمل (على ما يظهر له) أي للشخص (في بادي الرأي) والنظر السطحي بلا تعمّق ، وقد قال سبحانه : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ)(١).
والتدبّر عبارة عن التعمّق والتوغّل للوصول إلى «دبر الشيء» وخلفه ، حتّى يظهر للمتدبّر مختلف جوانب ذلك الشيء ، فيحمل على ما يبدوا له (من المعاني العرفيّة واللغويّة) وقد تقدّم سبب ذكرهما معا وانّهما امران ، لا من باب عطف البيان (من دون التأمّل في الادلة العقلية) فانّهم ـ مثلا ـ يقولون : الله جسم بدليل انّه على العرش استوى ، من دون تأمّل في استحالة الجسميّة على الله تعالى (ومن دون تتبع في القرائن النقليّة) الّتي توجب صرف الظاهر عن ظاهره (مثل الآيات الأخر ، الدالّة على خلاف هذا المعنى) الّذي يظهر من الآية ، فيقول ـ مثلا ـ انّ الله قابل للرؤية ، لقوله سبحانه : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ)(٢) ، بدون ملاحظة قوله سبحانه : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ، وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ)(٣).
__________________
(١) ـ سورة النساء : الآية ٨٢.
(٢) ـ سورة القيامة : الآيات ٢٢ ـ ٢٣.
(٣) ـ سورة الانعام : الآية ١٠٣.