اذ قد لا تتضمن الأمارة الزاما على المكلّف ، فاذا تضمنت استحباب شيء او وجوبه تخييرا او اباحته ، وجب عليه اذا اراد الفعل ان يوقعه على وجه الاستحباب او الاباحة ، بمعنى حرمة قصد غيرهما ، كما لو قطع بهما ، وتلك المصلحة لا بدّ أن تكون ممّا يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع ،
______________________________________________________
وانّما قلنا «ومعنى ..» (اذ قد لا تتضمن الأمارة الزاما على المكلّف) في الفعل او في الترك (فاذا تضمّنت استحباب شيء) كغسل ليالي رمضان ، او كراهة شيء ككراهة النوم بين الطلوعين (او وجوبه تخييرا) كوجوب كفارة القسم بين : الصيام ، والاطعام ، (او اباحته) كاباحة شرب التتن ، او حرمته تخييرا بان يترك هذا او ذاك.
(وجب عليه) اي على المكلّف (اذا اراد الفعل) في المستحب والمباح (ان يوقعه) اي الفعل (على وجه الاستحباب او الاباحة) لا على وجه الوجوب (بمعنى : حرمة قصد غيرهما).
وكذا اذا اراد ترك المكروه ـ الّذي قامت الأمارة على كراهته ـ تركه بقصد : انه مكروه ، لا بقصد : انه حرام إلى غير ذلك ، فيكون حاله عند قيام الأمارة على الاستحباب او الاباحة(كما لو قطع بهما) فكيف كان يعمل او يترك؟ كذلك اذا قامت الأمارة يعمل او يترك.
(و) هكذا حال ما اذا دلّت الأمارة على سائر ما ذكرناه من الكراهة والوجوب التخييري ، او الحرمة التخييرية.
ثم ان (تلك المصلحة) السلوكية(لا بد ان تكون ممّا يتدارك بها) اي بتلك المصلحة(ما يفوت من مصلحة الواقع) وذلك لان الشارع بسبب تشريعه الأمارة فوّت على المكلّف تلك المصلحة الواقعيّة ، ولا يجوز على الحكيم ان يفوّت المصلحة على احد ، بدون ان يتداركها ، فانه ظلم وهو قبيح عقلا.