وقد تواترت بوجود الحكم المشترك بين العالم والجاهل الأخبار والآثار.
الثاني : أن يكون الحكم الفعليّ تابعا لهذه الأمارة ، بمعنى : أنّ لله في كلّ
______________________________________________________
(وقد تواترت) الاخبار(بوجود الحكم المشترك بين العالم والجاهل) فسواء علم ، او لم يعلم ، قصورا ، او تقصيرا ، له حكم ، كما دلّت على ذلك (الاخبار) الواردة ، (والآثار) والاجماع قام على ذلك بالاضافة إلى انّهم استدلوا على بطلان التصويب : بلزوم الدور ، فاذا قال المولى : «اذا علمت بحرمة الخمر ، فهو حرام» يلزم ان تكون الحرمة قبل «العلم» وبعد «العلم» وقد ورد في تفسير الآية الكريمة : (قُلْ : فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ)(١) ، انه يقال للعبد يوم القيامة : هل عملت؟ فاذا قال : لم اكن اعلم ، يقال : هلّا تعلمت؟ (٢) وعلى هذا : فلله الحجة البالغة.
هذا ، ولكن لا يخفى : ان انشاء الحكم ، في حقّ الجاهل القاصر ، الّذي لا يصل إلى الحكم اطلاقا ، غير ظاهر الوجه ، اذ الحكم لا فائدة له حينئذ ، ولعلّ في روايات : امتحان الجاهلين في يوم القيامة كمن كان في فترة من الرّسل ، دلالة على عدم انشاء الحكم لهم في الدّنيا.
وعليه : فما دلّ على اشتراك الجاهل والعالم ، خاص بالجاهل ، الّذي يكون لجعل الحكم عليه اثر.
(الثاني) من وجوه التصويب : ان لله حكما في واقعة ، لكلّ عالم وجاهل ، لكن اذا خالف رأي ابي حنيفة الواقع ـ مثلا ـ محى الله ذلك الحكم الواقعي ، واثبت رأي ابي حنيفة مكانه ، وذلك ب(ان يكون الحكم الفعلي) في حقّ المكلّف ، لا الحكم مطلقا(تابعا لهذه الأمارة) القائمة فعلا(بمعنى : ان لله في كلّ
__________________
(١) ـ سورة الانعام : الآية ١٤٩.
(٢) ـ الامالي للمفيد : ص ٢٩٢.