ولا يمتنع أن يكون مصلحة إذا فعلناه ونحن على صفة مخصوصة ،
______________________________________________________
الزنا : (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً)(١) ، وقال سبحانه في اكل اموال الناس : (بِالْباطِلِ)(٢). إلى غيرها.
والغالب : ان القرآن الحكيم في تشريعاته ، اشار إلى العلة ـ ولو بكلمة ـ ممّا يدرك العقل وجه التشريع الفعلي حتّى مع النظر عن الشرع.
وهذا القسم وهو : كون الامر والنهي لاجل احراز المصلحة في ذات المأمور به والنهي لاجل تجنب المفسدة في ذات المنهي عنه ، هو الاكثر في التشريعات.
وهناك قسم ثان ، وهو : ما اشار اليه العلامة قدسسره بقوله (ولا يمتنع ان) تكون المصلحة في ذات المأمور به ، بل في الفعل اذا وقع بصفة خاصة زمانية او مكانية ، او في نفس الفاعل ، او في سائر الخصوصيات المكتنفة بالفعل ، بحيث لا مصلحة بدون تلك الامور ، فالفعل (يكون) فيه (مصلحة اذا فعلناه ونحن على صفة مخصوصة).
مثلا : يجب اكل الميتة للمضطر بحيث اذا لم يأكلها مات ، فان اكل الميتة يكون ذا مصلحة اذا كان المكلّف على صفة مخصوصة ، وهي : الاضطرار ، دون ما اذا لم يكن مضطرا حيث يحرم الاكل ، فان كان من الافعال ما في ذاته الحسن والقبح ومن الافعال ما يحسن او يقبح بالوجود والاعتبار ، فالقيام مثلا ان كان لاجل أخذ شيء من الرف لا حسن فيه ولا قبح ، واذا كان لاجل احترام عالم كان فيه حسن واذا كان لاجل اهانة مؤمن يكون فيه القبح.
ولما بيّن العلامة قدسسره الكبرى بقوله : «ولا يمتنع ...» بيّن صغراه بقوله :
__________________
(١) ـ سورة النساء : الآية ٢٢.
(٢) ـ سورة البقرة : الآية ١٨٨.